يُعذب المرء نفسه برتكابه الخطأ و قد علم أن الفعل غير صائب مُسبقًا ! .. يريد أن يرى أثر العذاب في بدنه الهزيل و أنفاسه الطويلة الغريبة المتقطعة، ..في ارتجاف اليدين و تشنج القدمين .. في بروز العيون الشاخصة المحدق في أي سقف تصاطفه ، في تقلص الصدر و ابتلاعه للقلب الخافت الخائف... من أجل ماذا ..
من أجل أن يلوم نفسه ويذوق طعم الألم مُجددا .. و يــعيد الكرة مرة أخرى ليتأكد من أنه نفسه الطعم السابق للألم ذاته ! من يدري قد يغير الألم طعمه في المرة القادمة !
يريد أن يكون الجلاد و الجلد و السوط في آنٍ واحد ! يريد ان يعرف أبعاد الزنزانة التي ملة من السجناء وهم بداخلها .. يستنشقون الألم من ثقب الأبواب المُوصدة يشتمون رائحة المفاتيح وهي تحتك ببعضها عند مرور السجان ... فتنبعث منها رائحة الأمل .
يكتم أنفاسه ليستشعر لحظة اصطدام أوتار الألم و الأمل مع بعضها البعض بداخله ! كأنه ينتقم لنفسه و ينتصر عليها بتذكيرها بالخسارات السابقة ! و صوت أنفاسه يترقب اختفاء قرع طبول الفكرة ليقول كلمته الحاسمة... لا أريد ايذائك ! لكن ... من أنت !