1- إمكانية أن تكون معلما وتتعلم في ذات الوقت فسيدنا موسى كان يصحبه فتاه والمهمة الاولى له هو التعلم ثم مرافقته
2- ضرورة الإصرار على بلوغ الهدف وهي المقطع الذي اشتهر في قنوات التواصل الاجتماعي وهو جميل جدا بالفعل "لا أبرح حتى أبلغ"
3- التعب من أجل العلم فضيلة
4- حدوث ما لا تتوقعه قد يكون جيداً من حيث لا تدري، وعقلية "ذلك ما كنا نبغِ" في التعامل مع الأمور ممتازة بمعنى أنه ان وقع شيء سلبي (هنا نسيان الحوت مع انهم متعبون) يمكن استخراج الايجابي منه (ذلك ما كنا نبغِ)
5- "فارتدا على آثارهما قصصا" مراجعة النفس وما حدث من قبل بشكل دوريّ مفيد في التخطيط للمستقبل
6- الرحمة قيمة فوق العلم. فقد تعلم الحقّ والعدل لكن تصرفك بالرحمة أفضل وأعلى. ولذلك قدّم الرحمة على العلم.
7- العلم قيمة مهمة للرحمة. لأنك لما تعلم أكثر يمكنك أن ترحم بصورة أشمل
8- العلم يجعل بعض اعمال الرحمة تبدو سيئة لأول وهلة.
9- سيدنا موسى لما التقى العبد الصالح أول شيء طلبه العلم "هل أتبعك على أن تعلمن" وأول شيء عامله به الخضر هو الرحمة " إنك لن تستطيع معي صبرا"
10- طريقة التعلم الأفضل تكون بالحركة. العلم في أماكن مغلقة ومباني منظمة ليس مجديا كثيرا. لذلك من الجيد فعلا ان اصحاب ارسطو يسمون "المشائين" وفي قصة سيدنا موسى والخضر هناك "فانطلقا" فالتجربة العملية معلّم فعال.
11- يؤمن بعض الناس الآن أن بإمكان الشركات صنع هولوغرامات حقيقية وروبوتات لا تفرقها على البشر لكنه في ذات الوقت لا يستطيعون ان ينتبهوا الى ان الله قادر على خلق صور وهمية حقيقية لتعليم نبيه. (حل مشكلة الشرّ في قتل الغلام)
12- الانكار عندما يحدث ما ينافي المعقول واجب وهذا ما فعله سيدنا موسى عليه السلام.
13- "قال لو شئت لاتخذت عليه أجرا" – إن كنت تجيد شيئا فلا تفعله مجانا. فالمال خير ورحمة. لاحظ "ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك" ومساهمة سيدنا الخضر في حفظ العمود الفقري المالي للمساكين البحارة، وتنبيه سيدنا موسى لأن كل عمل لا بد له من أجر مادي...الخ
14- قيمة الرحمة تتكرر منذ البداية وحتى النهاية في القصة (آتيناه رحمة من عندنا-خيرا منه زكاة وأقرب رحما-ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك)
15- الأخلاق لا تحكم على الله. الله يحكم على كل شيء بما فيها الأخلاق. وبهذا المعنى لا يوجد إطار أخلاقي يحكم الله. إن الله بهذا المعنى فوق "أي قيمة أخلاقية". إن هذا التصريح مرعب لأي إنسان بالفعل إلا أن الأنبياء الصادقين أخبرونا أن الله غير مجبر إلا أنه حرّم الظلم على نفسه. وأنه "على العرش استوى" بصفته الرحمانية. لكن بشكل عام هو في الحقيقة حتى 'عدم الظلم' لا يحكم على الله كقيمة أخلاقية لماذا. لأن الله سيعرض دوما على من يحاسبهم العدل أو الرحمة والفضل وسيختار البشر دوما الفضل والرحمة على العدل لأنه "من نوقش الحساب هلك" بالفعل، ونقاش الحساب هو عين العدل. ونظرا لان اي عاقل سيختار فضل الله ورحمته على عدله ثبت أن العدل نفسه كقيمة أخلاقية لا تحكم على الله. من هنا ندرك أن الله لما ألزم نفسه بعدم الظلم هو فعل تطميني للبشر في "حركة رحمانية" منه. فانظر كيف طمأننا لاننا نخاف وهنا يثبت أكثر معنى قوله "الرحمن على العرش استوى".، "وهذا ما وعد الرحمنوصدق المرسلون".
استطراد: المدافعون عن الغلام والذين يرون في قتله تجسيدا للوحشية، (ظاهرا هو كذلك وكما قلنا الانكار واجب لو حصل أمامنا وهذا ما علمنا إياه سيدنا موسى لأن الناس تعتقد أن المعلم هنا سيدنا الخضر هو بالنسبة لموسى نعم لكن بالنسبة لنا كمتلقين مؤمنين كلاهما معلّم لنا بما فيهم الغلام) لم يركزوا على قيمة الرحمة المتكررة في القصة وقد يقولون نحن لا نؤمن بالرحمة حتى نرى تطبيقاتها وليس كلاما فحسب، هذا صحيح لكن بمبادئ يجب ان نتفق عليها. فالقرآن يكرر موضوعات مهمة جدا من بينها الإيمان باليوم الآخر.
في عالم لا وجود للآخرة فيه قتل الغلام يعني إفنائه ومن ثم فهو فعل لا يمكن تبريره. لكن في عالم هناك فيه انتقال فحسب من ضفة إلى أخرى فهذا الفعل مبرر منطقيا.
الفناء – أي الاضمحلال الكليّ لكيان ما بعد وجوده- لا يفعله الله تعالى لأنه شرّ محض، وهذا علمنا بما هو الشرّ المحض أما النقل من عالم لآخر فتلك مشيئته لقد حدد الله أن القتل اي نقل الناس من هذا العالم للعالم الآخر محرّم تحريما مغلظا ولا يتم إلا باسمه. ولا ضابط أخلاقي آخر له. يعني القتل سيء ليس لأن الحياة الانسانية عزيزة فحسب. فهي عزيزة عند الله ومكرمة لدرجة أن كل من يخلقه لا يفنيه أبداً فهو خالد فقد منحنا قيمة الخلود مذ دخلنا لدائرة الوجود. أما النقل بين عالمين فشرطه هو أن يكون بأمر إلهي لذلك سيدنا الخضر غير ملوم لأنه صرّح بانه لم يكن عن أمره وقد صدقه سيدنا موسى وحكى الله في القرآن ذلك فنحن حتى لا نصدقه لأنه شهادته هو فحسب بل لأنها شهادة إلهية.
لا تبرز مشكلة الأخلاق هنا فحسب بل تبرز أيضا في قصة سيدنا إبراهيم وابنه الذي أمره الله بذبحه وأفضل من فسرها في العصر الحديث الفيلسوف سورين كيكغارد فراجعه.
إن لم تقنعك تأويلات الخضر فهذا مفهوم لأنه قد تقول "لا تزال أفعاله غير مبررة" لكن لفهم تأويله يجب ان ننظر لها من كوّة النبوة فسيدنا موسى المعروف بـ اعتراضاته السابقة –وهي خاصية نبوية فيه لا ينبغي ان تقول أنها متاحة لكل البشر فلديه أسرار بينه وبين الله – منها سؤاله لآدم وحكم النبي على المناظرة بفوز آدم (البخاري) ومنها طلبه للرؤية ونسبه الفتنة لله تعالى...الخ
عدم اقتناعك بالمبررات التي ذكرها سيدنا الخضر وسماها "تأويلا"، هو من ضمن مغزى القصة فكما قلنا في احدى النقاط ان التعليم لا يتم بالتلقين بل بالحركة والتجريب العملي فما لم تتحرك وترى فلن تعرف الحكمة لان الحكمة تأتي بالتجارب العملية وليس التلقين ومن مرت عليه ما يكفي من تجارب البشر فسيعلم يقينا ان ما يبدو شرا في وقت هو في الآجل خير ورحمة. والرحمة إذاً هي القيمة العليا وهي تشمل كل شيء.
وفي النهاية هذا قبس بسيط فقط مما استخرجته من الآية والله يعلم وأنتم لا تعلمون.
التعليقات