بتذكر أيّام المدرسة بس كُنّا جالسين في الصف لا شغلة ولا عملة، وتمرّ مجموعة بنات يعبروا ساحة المدرسة لمسابقة في مبنى كرة السلة الّي عمري ما شفته، رغم أنها مدرسة للذكور فقط، للآن ما بنسى كيف نطّ معظم الطلاب مثل القرود على شبابيك الصف وقعدوا يصرخوا ويرموا حكي عيب الواحد يسمعه، وكأنهم أول مرة بيشوفوا بنات، والأغرب من هيك بس دخل المُعلّم على الصف وقعد يشارك الطلاب بالنظر على البنات وكأنه ما شاف أي تصرف غلط.

بعد ما اختفت البنات عن الأنظار، صار الطلاب يناقشوا الأُستاذ عن البنات الّي مرّن، هذيك السنة كُنت أول ثانوي يعني الطلاب كبار مش صغار، وللأسف ما بلوم الطلاب بِقَدْر ما بلوم المُعلّم كيف سمح أنه يكون الغلط شي عادي ويرسخ مفهوم التحرُّش بطريقة غير مباشرة، وللعلم أن الفوضى كانت بمعظم الصفوف المُطلة على السَّاحة، كان بالأحرى من المُعلّمين والإدارة يحسّوا أنه في خطر، في كبت جنسي لدى الطلاب لو انفجر بيعمل كارثة.. يعني مش قادر أتخيل لو مرن البنات وكان وقت فرصة، يعني فسحة، شو بتتوقعوا كان راح يصير؟ بهذه الحالة كان لازمهن حرس يساعدون على العبور.

هذا الشي مش مصادفة ولا مفارقة، هذا الشي كُنت أشوفه بمعظم المراحل الدراسيّة الّي مريت فيها، طبعًا غير العنف، الشّغب، المشاكل وفي بعض الأحيان تكسير للممتلكات العامّة، أو استهزاء وضرب لبعض المُعلّمين الّي شخصيّتهم ضعيفة من قبل بعض الطلاب، أو ضرب مبرح من بعض المُعلّمين باستخدام العصيّ أو الأيدي ضِدّ الطلاب المشاغبين وحتى الطلاب غير المشاغبين في بعض الأحيان، وكثير قصص طرمة.

المشكلة عندنا بالتّربية الأُسريّة، بالمناهج الدراسيّة، باختيار المُعلّمين، بِعدد الطلاب بالصفوف الّي بيفوق الـ٤٠ طالب في معظم الأحيان، بمنظر بعض الصفوف المقزز والغير مُشجّع على الدراسة والّي بيحسسك إنك بسجن مش في مدرسة، المفروض تكون المراحل الدراسيّة مراحل حساسة جدًا في الدولة، ويتم التعامل مع الطلاب بحساسية مُفرطة خاصّةً المراحل الأربعة الأولى من عمر الطالب، المفروض يتم جعل جميع المدارس مُختلطة، ويتم إضافة مادة التّربية الأخلاقيّة بمفهوم جديد وعصري بعيدًا عن الدين، المفروض يتم مُراجعة جميع المناهج الدراسيّة الّي بتهتم بالجانب الأخلاقي، لأن الظاهر أنه في مشكلة، مشكلة مُستعصية، مشكلة ضاربة عصب التعليم رافقتنا منذ الطفولة، وإذا ما تصلحت راح نضل نطّلع أجيال جديدة ما تقدم أي شي نفتخر فيه.

أنا بكتب عن قهر لأنه نفسي يكون بلدي في مقدمة الدول في العلم والثقافة وتكون ميزانية البحث العلمي هي رأس هرم الدولة، ونخرّج أجيال جديدة مبنية على الحب والاحترام وتقبل الآخر بغض النظر عن العرق، اللون، الجنس، اللغة، الدين أو التوجه الفكري والسياسي.

الواضح أنّ التّغيير كثير صعب رغم أني بتمنى أقدر أغيّر شي، مجرد إنسان بيعبّر عن مشكلات بديهيّة ما كانت المفروض تكون موجودة من الأساس، مشكلات تفادتها معظم البلدان من قرون طويلة ولحد الآن نحن بنفس المشكلة، وكأن المسؤولين مش شايفين أو ما بدهم يشوفوا حجم الورطة أو بيسخفوا فيها وما بدهم يتحركوا حتى يخلوا مطالب الشعب ما تتعدى طلب رغيف خبز صار صعب الحصول عليه.