لا شكّ أننا نفضّل الجمال في كل شيء، من بينها مقاييسنا للأشخاص الذين سنرتبط بهم، وكثيرا ما يقع الرجال بالذات في فخّ خيار المرأة فائقة الجمال، ولو ربطنا ذلك بمدى سعادتهم الجنسية فهم واثقون أنهم سيستمتعون جنسيا مع امرأة جميلة أكثر من امرأة عادية، ولكن كثيرا من التجارب والإحصائيات والدراسات جاءت لتثبت العكس أو على الأقل لتثبت أنهم مخطئون في تصورهم هذا، وأنه عمليا لا علاقة تربط بين جمال الشخص وأدائه الجنسيّ.
في مقال للمجلة الفرنسية “الحياة النفسية” كتبت الطبيبة النفسية جولييت بيفوت، مقالاً حول موضوع علاقة جمال المرأة بأدائها الجنسي في السرير ووضعت كعنوان له “الجمال ليست ميزة تحت البطانية”، تقول أن ما دفعها للكتابة والبحث في هذا الموضوع كانا شيئين اثنين أولهما كثيرا من الحالات التي كانت تأتيها للاستشارة النفسية حول برودهن الجنسيّ أو عدم تمكنهن من إثارة غرائز أزواجهنّ جيدا، وأن تلك النساء كنّ في الغالب جميلات، أما السبب الثاني فكان أن أكثر من رجل جاء ليصف الحالة هكذا: “من خلال مغامراتي الجنسية الكثيرة، لاحظت أن النساء الجميلات جدا لسن مريحات تماما في السرير، وأنه في المقابل يكون مع نساء أقل جمالاً ولم يلفتنه من أول نظرة يكون أكثر أريحية وإمتاعا، ويتساءل هل ثمة تفسير للموضوع؟ أم أنه يحدث معي وحدي؟”، بناءا على ذلك تقول بيفوت أنها تعلمت شيئا مهمّاً هو أن الجميلات جدا، ينجحن أكثر من غيرهن في لعبة الإثارة ولفت الاهتمام، ولكن مع مرورهن إلى السرير يخفت وهجهنّ.
وتؤكد الطبيبة النفسية جولييت بيفوت أنها لم تتوقف إذاً عند هذا الاستنتاج وحاولت فهم أسبابه الحقيقية، وأنها لم تشأ الاكتفاء بالكليشيهات الاجتماعية التي تقول إن النساء الجميلات باردات جنسيا لأنهن تعودن على نظرات الرجال المتلهفة دائما والجائعة، وأنهن لا يعطين كل شيء في السرير لأن مهارتهن تكمن تماما في تلك اللعبة وهي الاستمتاع بأن يبقى الرجل دائماً في حالة جري وراءهن، لذلك يتصنعن نوعاً من البرود، مما يخلق عند الرجل ذلك الشعور بعدم الارتياح في ممارسة الجنس معهن.
ولكن الدكتورة بيفوت ترى أن أسبابا أخرى تكمن وراء برودهن في السرير وعدم إرضائهن للشريك، وهي بالأساس تتمثل في تلقيها منذ مراهقتها أي بداية ظهور علاماتها الأنثوية إلى نظرات الإعجاب واللهفة وتعرضها دائماً إلى طلب إقامة علاقات معها، هذا يخلق بداخلها رغما عنها وأحيانا بلا وعي شعورا بأنها هدف جنسي بحت وبسببه تتكون لديها تصرفات دفاعية ويكسبها صفات الحذر من كل محاولة للاقتراب منها، وهو لاحقا ما يولد حاجزاً لا مرئيا بينها وبين زوجها، ما يجعلها غير قادرة على أن تتصرف في العلاقة الجنسية بعفوية ويجعل شريكها بالتالي غير مرتاح معها.
وتؤكد أن هذه ليست حالات المرأة الأقل جمالاً والتي تبذل عادة مجهودات وتجتهد لجذب الأنظار إليها، لأن هذه المرأة ستكون في قمة سعادتها ورضاها عن نفسها في حال وجود الشريك الذي سيحبها وستفعل الكثير لتكون في أفضل حالاتها، من بينها أدائها الجنسي، لذلك سوف يجد الرجل نفسه مع امرأة رائعة في الفراش حتى لو لم تكن تلك التي لفتت نظره من النظرة الأولى.
حسب بيفوت يكون أحيانا انشغالنا بالأجمل أمرا غير موفق، لأننا مع الأسف نعتمد في اختياراتنا غالبا على موصفات مادية “بلاستيكية” كما تعبّر عنها، وهذه المواصفات ليست ضمانا كافيا للسعادة، حتى في الجنس، وأن الجمال سواء في المرأة أو الرجل ليس مرادفاً للبراعة أو منح إحساس الراحة للآخر، ولكننا وخاصة الرجال كثيرا ما نقع في ورطة المقاييس المادية والتي لا تعني شيئا في السرير.
في نفس المقال تُطمئن جولييت بيفوت النساء العاديات ومتوسطات الجمال اللواتي يعتقدن أن الجميلة أفضل أيضاً، ويحلمن كثيرا بطول معين وجسم معين وملامح معينة وغيره أن يتخلين عن هذا القلق، لأن الجنس هو عملية أخذ وعطاء تبدأ من نفسية الطرفين أولاً ولا علاقة لها بأي صفات مادية، وطالما أنكِ تمتلكين العفوية والرغبة في عيش تجربتك الجنسية بسعادة فأنتِ الأفضل بلا شك