اسم محرك البحث العملاق Google يمر على الألسن والأذهان كل يوم ملايين المرات حول العالم، لهذا ليس من الترف أن نتكلم قليلا عن أصل التسمية ومعناها.
الرواية "الرسمية" من الشركة تقول أن كلمة جوجل أتت كتصحيف (أي هجاء خاطئ) لكلمة أخرى هي "جوجول" googol .. وليس المقصود هنا هو المؤلف الروسي الشهير نيكولاي جوجول Gogol ، بل كلمة أخرى اخترعها أحدهم قديما لتدل على عدد كبير جدا.. أكبر من المليون والبليون والتريليون..
وهذا العدد يمكن كتابته بوضع 100 صفر على يمين الرقم واحد!
فالمليون هو – كما تعرف – واحد وأمامه 6 أصفار، والمليار (أو البليون) أمامه تسعة أصفار، والتريليون أمامه 12 صفر، وهكذا.. ولهذا لزم وجود تسمية غريبة لهذا المقدار الكبير.. ومن هنا جاء الجوجول.
لكن.. ما سبب التصحيف أصلا؟!.. ما "الوسيط" الذي أخذ عنه الشابان مؤسسا محرك البحث ذلك الهجاء الخاطئ للكلمة؟.. وما مدلولها؟
أما مدلولها فيمكن فهمه بسهولة. فالعدد العملاق الضخم يشير إلى هدف محرك بحث جوجل.. فهرسة ملايين صفحات الإنترنت، بكل محتوياتها من كلمات وصور وفيديو. لهذا اختاروا اسما يدل على قدرة وسعة كمبيوترية عملاقة.
أما الوسيط وسبب التصحيف فسأكشف لك عنهما هنا.
أصل كلمة جوجل بطريقة كتابتها الحالية هو رواية خيال علمي.. وبالأخص مشهد حوار بين عالمين وكمبيوتر عملاق!
الرواية هي دليل المسافر إلى المجرة The Hitchhiker's Guide to the Galaxy لمؤلفها البريطاني الساخر دوجلاس آدمز Douglas Adams (صدرت 1979)
عشاق أدب الخيال العلمي يعرفون الرواية جيدا ويعرفون تاريخ تطورها. ففي البداية كانت مسلسلا إذاعيا على الـ BBC وتحول إلى سلسلة روايات ومسلسل تليفزيوني وفيلم.
وحبكة الرواية باختصار مخل هي تدمير الأرض وانتقال بطل الرواية (آرثر دينت) في رحلة عجيبة لعوالم أخرى في المجرة، يقوده صديق فضائي اسمه (فورد بريفيكت). وخلال الرحلة يعلما أن الأرض لم تكن إلا حاسوبا عملاقا يقوم بعملية طويلة ومعقدة لفهم السؤال الأبدي: ما معنى الحياة؟!
ويعلمان أيضا أن فهم السؤال هو أصعب من معرفة الإجابة!. لأن حاسوبا آخر اسمه "التفكير العميق" كان قد قام بعملية أخرى طويلة ومعقدة لمعرفة "الإجابة"، استمرت ملايين السنين (!!) لكن العلماء في المجرة لم يفهموها!
فالإجابة عن سؤال معنى الحياة أتت لهم في النهاية غامضة ومختصرة.. فمعنى الحياة – حسب ما قال الحاسوب المسمى "التفكير العميق" – هو: 42 !!
فقط العدد اثنان وأربعون! (أنصح بقراءة الرواية فهي فانتازيا علمية ساخرة جدا كما ترى!)
(وللعلم، 42 هو أيضا العدد الذي يعتقد يهود القبالا أن الإله خلق الكون عن طريقه!)
ما يهمنا هنا من كل هذا هو الحوار الذي دار بين عالمين في الرواية وبين الكمبيوتر "التفكير العميق"، عندما قال لهما أنه فقط "ثاني" أعظم حاسوب في الكون، وأن الحاسوب المسمى "الأرض" سيكون أعظم منه. فقالا له في دهشة: كيف هذا ونحن قد صممناك لتكون أعظم من أي حاسوب؟.. ألست أعظم من كمبيوتر الجوجل-بليكس ذاته، على ما تعلم من قدراته الفائقة في التحليل؟!
وأجاب "التفكير العميق" بأنه بالطبع أعظم وأقوى من الجوجل-بلكس Googleplex لكن هذا لا يمنع أن الكمبيوتر المسمى "كوكب الأرض" سيكون أعظم من الجميع!
ويبدو أن مؤسسي محرك جوجل تأثرا بالرواية أكثر من تأثرهما باسم العدد جوجول googol ، ولهذا نجد اسم شركة جوجل اليوم مكتوبا بهذه الطريقة.. كما نجدهم أيضا جعلا اسم "مجمع مباني جوجل" الشهير هو Googleplex .. نفس اسم الحاسوب المذكور في الرواية!
وليس غريبا أن يتأثر جوجل برواية.. فـ ياهو Yahoo يأتي اسمه أيضا من رواية قديمة ساخرة!
كلمة ياهو في الإنجليزية جاءت من جوناثان سويفت مؤلف رواية رحلات جلفر Gulliver Travels الشهيرة، وكان قد استخدمها لوصف نوع متخلف من أشباه البشر يعيشون تحت حكم أسيادهم الخيول المثقفين! (الرواية أيضا كوميدية فانتازية)
والآن إن دخلت صفحة جوجل وكتبت سؤالا بهذه الصيغة
what is the answer to life the universe and everything
(ما إجابة السؤال عن الحياة والكون وكل شيء؟)
فستأتيك إجابة جوجل تخبرك أن حل السؤال هو 42