الموضوع جزء من موضوع أكبر + لم أجد القسم الأنسب له.

الطاقة ثمّ الطاقة ثمّ الطاقة، عندما نستخدم بيئتنا لصالحنا.

قبل أيّام قرأت العدد السابع من مجلّة "نيبونيكا" الصادر عام 2012، وهي مجلة تصدر من وزارة الخارجية اليابانية، كانت موضوعها الرئيس يحمل عُنوان: "اليابان: دولة صديقة للبيئة"، رغم انه من الصعب مقارنة حالنا بكوكب اليابان البعيد المنال الذي حتّى المشردين به يقفون في صف مستقيم للحصول على طعام، ولكن دائماً هذا الشعب ما يذهلني حقّاً في تطويعه للبيئة، فلم أتوقع يوماً ان تكون هناك محطّات للطاقة النظيفة تعتمد على حرارة باطن الأرض وباعتبار ان اليابان تقع على خط النار -أي تكثر بها البراكين-، فإنّها تستفيد أيّما استفادة من هذه الطاقة التي تعتبر من أنظف الطاقات، بل انها لم تكتفِ بهذا بل عكفت على تطوير محطّاتها بتقنيات لم أتخيلها لزيادة كفاءتها لأرقام قياسية، كفاءة بعض المصانع ارتفعت من 42% حتّى وصلت 60% أو أكثر، انبهرت بمدى التقدم الحاصل في تلك الدول في مجال استخدام الطاقة النظيفة.

العجيب فالأمر فكون اليابان منطقة يكثر بها هطول الأمطار والجو الغائم على مدار فترات طويلة، ولكنّها ايضاً تعتمد على الطاقة الشمسية، بينما هناك الدول العربية والتي تقع ضمن المناطق التي تسطع فيها الشمس لفترات طويلة تصل بعض الأحيان لطول السنة، ورغم هذا فنجد ان العقل العربي المسؤول لم يصل لفكر استغلال هذا المورد المهم فالطاقة، وعلى كلّ اجده شيء منطقي كون ان محطات تعبئة الوقود هي ملك للمسؤول، بل وحتّى شركات الكهرباء.

كان في بالي الكثير من الأمور التي اود طرحها في هذه النقطة ولكنها تلاشت، لربّما بسبب كمية الخذلان بدون مبرر والتي اراها في هذا المجال رغم ان المسؤولين يتغنوا بحضورهم المؤتمرات التي تختص بهذه الأمور، لذلك سأضيف بعض النقاط الأخرى هُنا.

[5]

ومن المياه، كلّ شيء حي.

في تجربة مررت بها، حدث وان وزارة الزراعة في بلادي والإعلام أظهروا تجربة زراعة الأرز من قبل بعض المواطنين دعماً لهم، وقد اثاري حنقي كثيراً، فوطني يعاني من شح شديد فالمياه، وزراعة الأرز تتطلب الإغراق بالمياه، بل ان أنواع الأرز الذي يتطلب أقل كمية مياه قليلة يتطلب وجود أرض رطبة على طول فترة الزراعة، فكيف تقوم الوزارة بالحث على زراعة الأرز؟ وما أثار حنقي ليس الوزارة وقراراتها الغريبة العجيبة والتي تثبت ان المسؤولين يعيشون في بلد غير الذي نعيش به، بل الدفاع المستميت على قرارهم وتم اتهامي بأني "من تلك الدولة الحانقة التي تكيد المكائد بشكل دائم"، ضحكت! ما هذا العجب العجاب؟

قضية المياه قضية رئيسية في بلداننا العربية، فنحن لا نعيش في احدى تلك الدول المكسوة بالعشب بسبب الأمطار، نحن دولة تعيش على محطات تحلية المياه، ماتت الأراضي القريبة من البحر في بلدي، بل وأن مزرعتنا تعاني منذ سنين من المياه المالحة، وقد تعودنا عليها لدرجة ان طعم قناني المياه نجده غريباً علينا.

دعوني أعطيكم أحد أسباب تملح المياه وقلتها بكون عائلتي تمتلك مزرعة، الا وهي تلك النبتة المسمّاة محلياً ب "الحشيش" او المصطلح المستخدم في نطاق أوسع "التبن"، الذي يمثل علف حيوانات، هذه النبتة تزرع على نطاق واسع جدّاً، ولك من اعرفهم فهم يزيدون من زيادة المساحة المزروعة بهذه النبتة في مزارعهم، ولأوضح لكم خطورتها فدعوني اخبركم عن كيفية سقايتها، توجد مرشّات مائية على شكلك صفوف، كل صف يحتوي على 8-10 على حسب طول المساحة المزروعة، يتم تشغيل صفيّن من الصفوف لمدّة نصف ساعة، عدد الصفوف في مزرعتنا ربّما يصل للثلاثين صفّاً، ولأعطيكم صورة أوضح فأن هذه المرشّات تستخدم ضغط المياه للدوران. لكم ان تتخيلوا كمية المياه المستهلكة في كل مزرعة، وللآن لم أعلم بأي عقلٍ يفكر به مسؤولونا وماذا ينتظرون!

قصة عجيبة قرأتها في مجلة ناشيونال جيوغرافيك العربية، علاقة عجيبة بين مربّي الأبقار في الصين والمزارعين فالصين، لا أذكر التفاصيل فقد قرأتها قبل سنوات، ولا أعلم العدد التي ذكر فيه هذه القصة، ولكن على حسب ما اذكر فأنه ازداد الطلب على الحليب ومنتجاته فالصّين، ولم يقدر مربّوا الأبقار فالصين على تلبية الطلب المتزايد، وفكّروا في استبدال الأبقار الصينية المحلية بالأبقار الهولندية والنيوزلندية لوفرة ما تنتجه من حليب، ولكن كانت هناك مشكلة وهي ان هذه الأبقار تحتاج لأعلاف أكثر، ومن المعروف ايضاً ان الصين احد اكبر مستهلكي الأسمدة الكيماوية، في نفس الوقت وفي جهة أخرى من العالم وتحديداً فالولايات المتحدة، فأن احدى الولايات عانت من نقص المياه، ولا اعلم كيف حدث تلك العلاقة بين الاثنين ولكن مزارع تلك المنطقة قاموا بزراعة نبته معيّنة تعتبر علفاً ممتازاً جدّاً للأبقار وتمتاز بقلة احتياجها للمياه، ومن ثم قاموا بتصدير تلك النبتة لمربي الماشية الصينيين.

هُنا أيجاد الحلول، هنا أيجاد بدائل جديدة، هُنا السوق المتحركة، ولا عزاء لمن لا ينظر للأمور بنظرة شاملة متمكنة -زراعة أرز في بلد صحراوي-.