تنبيه: المقال يحتوي خطاب شديد اللهجة، الرجاء تحليله، لا الدخول في صراعات

استفق أيها النائم واقفًا!

نعم، أنت. لا تلتفت خلفك، لا تبحث عن مخرج، فأنا أقصدك أنت تحديدًا. أنت الذي تقرأ الآن وتتمتم في سرّك: "من المؤكد لا يتحدث عني"... بلى، أتحدث عنك أنت، أيها المتفلسف في الظلام، العارف بكل شيء، العاجز عن كل شيء.

أنت الذي تمضي وقتك في تحليل السياسة العالمية بينما لا تستطيع فهم سبب انقطاع الماء في حيّك. تتشدق بكلمة "الحرية"، وتضع صورتك مع عبارة "أنا حر"، لكنك ترتعد من فكرة أن تقول "لا" لرئيسك في العمل أو لصاحب البقالة حين يغشك في الميزان.

تؤمن أن القانون فوق الجميع، ولكنك أول من يبحث عن واسطة حين تُضبط متلبسًا بخرق ذلك القانون. تسميها "علاقات"، وتقولها بفخر وكأنك تدير الدولة من مقهى الحي.

تتحدث عن "التغيير"، بينما لم تغيّر حتى ترتيب غرفتك منذ عامين. تطالب بثورة ضد الفساد، وأنت تغش في الامتحان، وتكذب على جارك، وتغتاب صديقك، وتُبارك الظلم بصمتك تحت شعار "ما شأني؟".

تبكي على الأمة، وتضحك في الوقت نفسه على نكتة تسخر من تخلفها، ثم تبرر: "نضحك لئلا نبكي". وتقول: "علينا ضغوط". أي ضغوط يا هذا؟ هل تعيش تحت الحصار؟ أم أن الضغط الوحيد هو ضغطك على زرّ الإعجاب؟

أنت باختصار، لست ضحية، بل قد تكون – في كثير من الأحيان – جزء من المأساة، بكسلك، بصمتك، بتناقضك، وبقدرتك العجيبة على تبرير كل شيء باسم "الواقع".

أيها البطل الإلكتروني، يا فارس المعارك الافتراضية، يا من تحفظ أبيات نزار قباني ولا تحفظ اسم عامل النظافة في شارعك…

العالم لن ينتظرك حتى تستفيق. فإما أن تفتح عينيك، وتبدأ من حيث تقف، أو تبقَ متفرجًا على الحكاية، ثم تكتشف في النهاية أنك لم تكن بطلًا فيها، ولا حتى شخصية ثانوية... بل مجرد وجهٍ في الخلفية، طمسته زحمة الأحداث.

فكّر... لا لأنك قادر على إنقاذ الجميع، بل لأنك مسؤول على الأقل... عن نفسك.