أن تطلب مني السعي وراء حلمي، وأنت ابن ملك، يشبه أن تطلب من عصفورٍ مبلل الجناحين أن يحلق نحو الشمس بينما تقف أنت على شرفةٍ عالية، تدفعك الريح للأمام، ويهتف لك الحاضر والمستقبل. ليس الحسد ما يملأ قلبي، بل الدهشة من تلك العدالة العرجاء التي تطلب من الجائع أن يصنع وليمة، ومن العاري أن يخيط لنفسه مجدًا بثياب ممزقة.
أدرك أن الحلم لا يُشترى، وأن النفوس العظيمة تولد من رحم الألم، لكن لا تنكر عليّ أن الأرض التي أحرثها قاحلة، والسماء التي أنظر إليها لا تمطر إلا للذين زرعوا قبل أن يولدوا. إغتنام الفرص فضيلة، نعم، لكن كيف لي أن أغتنم فرصة لا تزور حينا؟ بل كيف أصنعها من عدم، والعدم هو كل ما ورثته؟ أن تصنع الفرصة يتطلب ضوءًا، وأنا أعيش في عتمة يتيمة، لا نافذة فيها سوى حلم خجول، يُقال لي كل يوم إنه مستحيل.
نعترف، أحيانًا، أننا نعلق فشلنا على شماعة الظروف، وأن بعضنا يختبئ خلف التبريرات كما يختبئ الطفل خلف ستار أمه، خائفًا من مواجهة الحقيقة. لكن لا تنس أن بعض الحقائق كالسكاكين، لا يمكن الإمساك بها دون أن تنزف، وبعض الشماعات ليست وهمًا، بل خشبًا من حطام أيامٍ لم نجد فيها حتى ما نعلق عليه أملنا.
هناك من صُنع بنفسه، من حفر في الصخر بيدين عاريتين، من انتصر على كل عاصفة، وهناك من صُنع له المجد كما تُنسج ثياب الأمراء قبل ولادتهم. الأول يُحترم، لأنه عاش معركته، والثاني يُحاط بالتصفيق، لأنه فقط وُلد في المكان الصحيح. المفارقة ليست في النتيجة، بل في الطريق. أن تصل مشيًا على الأشواك ليس كمن أوصلوه على أكتاف الذهب.
صحيح أن المال لا يشتري السعادة، لكن دعنا لا نجامل، إنه يمنحك طريقًا مختصرًا إليها، يفتح لك أبوابًا ما زلت أنا أبحث عن مفاتيحها. هو لا يصنع الحب، ولا الطمأنينة، لكنه يوفر اللحظة التي يمكنك فيها التفكير بالحلم، بدلًا من اللهاث خلف لقمة، أو دواء، أو سقف.
فقل لي، قبل أن تطلب مني أن أحلم مثلك، هل يمكن أن نحلم بنفس الجرأة ونحن لا ننام في نفس الأمان؟
التعليقات