في الماضي، كان اليوم يبدو أطول، واللحظات أكثر وضوحًا، وكأن الزمن يسير بإيقاع أبطأ. أما اليوم، فرغم أن التقنيات قد سهلت حياتنا ومنحتنا وفرة من الوقت، نجد أنفسنا نشكو دومًا من اختفائه، وكأننا نلهث خلفه دون أن نمسك به. فكيف فقدنا الشعور الحقيقي بالزمن؟!
أحد الأسباب الرئيسية هو طبيعة حياتنا الرقمية، حيث أصبحنا نعيش في تدفق مستمر من المعلومات والمشتتات. الإشعارات، مواقع التواصل، والمحتوى السريع تجعل أذهاننا مشغولة طوال الوقت، مما يؤدي إلى تآكل إحساسنا باللحظة. لم نعد نعيش التجربة، بل نستهلكها بسرعة وننتقل إلى التالية دون وعي.
كذلك، فإن الإيقاع السريع للحياة والعمل جعل أيامنا مليئة بالمهام المتداخلة، مما خلق وهمًا بأن الوقت لا يكفي أبدًا. وبينما كانت بعض الأنشطة، مثل انتظار رسالة أو التنقل لمسافات طويلة، تمنحنا لحظات من التوقف والتأمل، أصبحت التكنولوجيا تملأ كل فراغ، مما حرمنا من إدراك الزمن كما كنا نفعل سابقًا.
الأمر لا يتعلق فقط بالانشغال، بل أيضًا بتغير معايير القيمة الزمنية. أصبحنا نقيس الوقت بكمية الإنجاز وليس بجودة التجربة. حتى في أوقات الفراغ، نبحث عن الإنتاجية ونشعر بالذنب إذا لم نستغل كل دقيقة، مما يجعل الراحة نفسها مرهقة.
لكن السؤال الحقيقي هنا: هل فقدنا الشعور بالوقت بسبب كثرة المشاغل، أم لأننا لم نعد نعيش الحاضر كما ينبغي؟ وإذا كنا نملكه، فلماذا لا نشعر به؟
التعليقات