بسم الله الرحمن الرحيم

التحصّن

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

يبدو وكأن أنفاق غزة قد نفعت المقاومة الفلسطينية والمجاهدين خير منفعة، فكانت على ما يبدو نعمةً عظيمةً لهم، نفعتهم وأفادتهم في جهادهم ومقاومتهم للمحتل الإسرائيلي، فإن صمدت الأنفاق واستمرت في منفعتها للمجاهدين، فما الضرر أن تفكر الدول المسلمة في أن تحصّن ديار المسلمين بمثل أنفاق غزة أو مثل أنفاق فيتنام؟ التي ذُكر في مقال في الجزيرة نت بأن المقاومة الفيتنامية قامت بإنشائها أثناء مقاومتهم للمحتل الفرنسي. فنفعتهم منفعة عظيمة أثناء مقاومتهم للاحتلال الأمريكي، حتى هزموهم وطردوهم من ديارهم.

ويُقال بأن أنفاق فيتنام استطاعت مقاومة القصف الأمريكي وصمدت أمامه، وقد يكون الوضع مشابهٌ لما يحدث في غزة، فقد تكون الأنفاق في غزّة استطاعت أيضاً الصمود أمام القصف المكثّف الإسرائيلي.

والفكرة هنا هي أن للدول المسلمة أن تُنشئ أنفاق مثل أنفاق غزة وفيتنام، تحسّباً لأي غزو من عدو مقاتل غير مسلم، فلم يعد مستبعداً الآن من أن تتسع حرب غزة لتصل إلى لبنان أو إلى سوريا أو حتى إلى إيران، فهل يعتقدوا المسلمين أن أمريكا وحلفائها سيبقون يتفرّجون على إسرائيل حليفتهم المُقرّبة وهي تقاتل كل هؤلاء لوحدها؟ أم إنهم سيجدون ألف عذر وعذر، للدخول في هذه الحرب؟ أفليس من الأفضل أن تُحاذر الدول المسلمة من أن يكون دور بعضهم قريباً ما دامت إسرائيل تجثم على صدر الأمة المسلمة في فلسطين الحبيبة؟ فللدول المسلمة أن تفكر كيف تحصّن بلادها لأي غزو من الدول غير المسلمة، لتستطيع الصمود أمام الاحتلال ولتتمكن من المقاومة لأطول فترة ممكنة، وتستنزف العدو، فتقتل من جنوده أكبر عدد ممكن وتأسر منهم أكبر عددٍ ممكن سواءً في حرب نظامية أو حرب عصابات، وتستمر في مهاجمته ومهاجمة قواعده، حتى تُنهكه بالكامل وتضطرّه إلى الانسحاب طوْعاً أو كرهاً إن شاء الله.

وإن لم تكن فكرة الأنفاق خيار مُتاح للدول المسلمة أو كانت فكرة غير مرغوبة، فقد يمكنها أن تفعل كما فعلت طالبان في أفغانستان أثناء الغزو الأمريكي، عندما تحصّنت في الجبال (إن كان ذلك الخبر صحيحاً). وسواءً كان الخبر صحيحاً أم لا، فللدول المسلمة التي لديها جبال في أرضها أن تُنشئ لنفسها في جبالها، قواعد عسكرية ومخازن لحفظ كل ما يلزمها، بمجرد بدأ الحرب أو الغزو ضدها من العدو لمقاومته لأطول فترة ممكنة، ويبدو أن الجيش الأمريكي واجه صعوبةٍ شديدة أمام جبال أفغانستان، ويبدو أنه وجد نفسه يقاتل الجبال، (إن كان هذا الخبر صحيحاً).

فإن لم تكن أيضاً فكرة التحصّن في الجبال واردة أو مرفوضة، فقد يمكن للدول المسلمة أن تحفر في الأعماق قواعد كاملة لهم تحسّباً لأي غزو ضدّها، كما يمكنها بناء المخازن بل وأيضاً المصانع اللّازمة لصناعة مختلف أنواع الأسلحة والذخائر تحت الأرض، لتستطيع المقاومة واستنزاف العدو وهزيمته إن شاء الله في نهاية المطاف... هذا والله أعلم.