عُرضت عليّ دعوى جزائية عندما كنت قاضياً في المحكمة الابتدائية بسمائل بسلطنة عمان، وجه فيها الادعاء العام الاتهام إلى المتهم بأنّه استخدم وسيلة تقنية معلومات في التعدي على الغير بالقذف، المؤثمة بالمادة (16) من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، بأن استخدم وسيلة تقنية معلومات في التعدي على المدعي بالحق المدني بأن قذفه بأنّه فاسد، حيث نشر الموضوع الثابت بالرسائل على صفحته الخاصة ببرنامج التواصل الاجتماعي (الفيسبوك) باسم المستخدم (...)، وكذلك في برنامج (الواتساب)، وطالب بمعاقبته، وبعد نظر الدعوى اعترف المتهم بارتكابه للفعل المنسوب إليه، وقد صدرَ الحكم في الدعوى طبقاً للمادة (16) من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات أنّه: "يعاقب بالسحن مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة لا تقل عن ألف ريال عماني ولا تزيد على خمسة آلاف ريال عماني أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من استخدم الشبكة المعلوماتية أو وسائل تقنية المعلومات كالهواتف النقالة المزودة بآلة تصوير في الاعتداء على حرمة الحياة الخاصة أو العائلية للأفراد، وذلك بالتقاط صور أو نشر أخبار أو تسجيلات صوتية أو مرئية تتصل بها ولو كانت صحيحة، أو في التعدي على الغير بالسب أو القذف"، وبناءً على أنّ معنى "وسيلة تقنية المعلومات" طبقاً للمادة (1/و) من القانون ذاته هو "جهاز إلكتروني يستخدم لمعالجة البيانات والمعلومات الإلكترونية أو تخزينها أو إرسالها أو استقبالها كأجهزة الحاسب الآلي وأجهزة الاتصال"، وبناءً على أنّ من المقرّر أنّ المراد بالقذف إسناد شخص للغير واقعة لو كانت صادقة لأوجبت عقاب من أسندت إليه أو أوجبت احتقاره، وأنّ المرجع في تعرف حقيقة ألفاظ السب أو القذف هو بما يطمئن إليه القاضي في تحصيله لفهم الواقع في الدعوى، إلا أن حدّ ذلك أن لا يخطئ في التطبيق القانوني على الواقعة، فلما كان ذلك وكان الثابت أنّ المتهم قد اعترفَ بقيامه بما أُسندَ إليه على وجهٍ تطمئنّ المحكمة إليه، وله ما يعضده في الملف من تفريغ الرسالة والتقرير الفني، وكان مضمون الرسالة إسناد قضية فساد إلى المدعي بالحق المدني مع آخرين بإنشاء مخطط سكني في أرض هي ملك ... في أقل من سنة، وهذا المضمون يتضمّن إسناد واقعة إلى المتهم لو كانت صادقة لأوجبت عقاب من أسندت إليه، فهو قذف، وعليه يثبت بذلك أنّ المتهم قد استخدم وسيلة تقنية معلومات (الهاتف النقال) من خلال برنامجين للتواصل الاجتماعي هما (الفيسبوك) و(الواتساب) في التعدي على الغير بالقذف، فقضت المحكمة بإدانة المتهم بذلك ومعاقبته بغرامة مالية قدرها ألف ريال عماني (1.000ر.ع)، مع الحكم بوقف العقوبة؛ عملاً بالمادة (74) من قانون الجزاء العماني؛ لأنّ المتهم معلوم محل الإقامة في السلطنة، كما أنّه لم يثبت أن حكم عليه بعقوبة من نفس النوع أو بعقوبة أشد منها، ومراعاة لكونه لا يزال باحثاً عن عمل، ولتنازل المدعي بالحق المدني عن دعواه.
ولا ينال من الحكم بذلك ما دفع به المتهم من أنّه كان مجرد ناقل فقط لهذه الرسالة، وكانت منتشرة في موقع التواصل الاجتماعي (الفيسبوك)؛ إذ إنّه يستوي في القذف أن ينسب الجاني الواقعة إلى المجني عليه باعتبارها من معلوماته الخاصة أو بوصفها رواية ينقلها عن الغير أو إشاعة يرددها، ولا يحول دون وقوع هذا الإسناد أن تكون الواقعة المسندة إلى المجني عليه قد سبق إعلانها من قبل أو سبق نشرها.
ويمكنك أخي الكريم الاطلاع على تفاصيل الدعوى من خلال المقال المرفق على الرباط الآتي: