-مضت 23 عامًا..!

من دون أن أحقق شيء يذكر،

لا ادعي أنها كانت تعيسة،

و لكنني أشعر بمرارة مضيها،

أدركت أن ما أعيشه لا يمثلني

بأي شكل من الأشكال..!

وفي مشهدٍ ذاتويّ، أنزوي جانباً،

وأتركُ الحياة تمضي مِن أماميّ،

أُقلّب في ذاكرتي لأعود إلىَ الوراء،

أمرُّ بجميع الأحداث المهمّة التي عِشتُها،

وأتوقّف في محطة تلي أُخرىَ، أتجاوز

تلويحتي الأخيرة في مطار "برلين"

بعد أن قُمت بشطبها..!

أسحب قُبلتي الأولى مِن علىَ فم صديقتي

أنجلينا جولي في حديقة "تير غارتن"

وأرمي بِها في البحيرة التي تتوسّط المنتزه،

أُفلت الحقيبة التي كنت أُحملها بيدي

في شارع "زايل" قبل أربعة أعوام،

حتىَ أستطيع الامساك بالطفل الذي

مر ركضّاً مِن أمامي بإتجاه سيارة

بورش مسرعة قامت بدهسه،

أشرب الكوب السادس من بيرة "كولش"

قبل أن أضع الغطاء عليه في إحدىَ حانات

"كولونيا"، أُمسك بيد الفتاة التي تقف

بجانبي في مدرجات "سيجنال إيدونا بارك"

وهي تحتفل بتسجيل ليفاندوفسكي

للهدف الرابع في مرمىَ ريال مدريد،

لأعود بِها معي إلىَ الوراء ونغادر البلد معاً،

بإتجاه الشرق الاوسط، في إحدىَ البلدان المُهملة،

حيث كنت أدرس الصف السادس في مدرسة

بقريتي، وأجلس جائعاً ومتألماً وشارداً وباكياً،

متكئاً على الجدار المتّسخ بعد أن ضربني مّعلّم،

اللغة العربية لأنني لم أكتب واجب التعبير الذي

كان من المفترض أن أتحدّث فيه عن حبي للوطن،

هناك تماماً ينتهي بي المطاف بالتذكّر،

وبطريقة يائسة أقوم وأضرب رأسي بالنافذة

عدة مرات، قبل أن يتدخّل المُعلّم مجدّداً

ولاجدوىَ، القدر مرّة أخرىَ..!

يمنّع خروجي مِن حياتي المُتخيّلة.

خيالُ مشهد.