بسم الله الرحمن الرحيم

المنافسة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد,,,,

إن المنافسة شبه العمياء التي لا تُري صاحبها سوى هدفه دون أن يبالي بالآخرين قد تجعل المتنافسين يطئون بعضهم دون أن يبالوا كما حدث بين الامبراطوريات الأوروبية العظمى فبسبب التنافس شبه الأعمى سادت الإمبراطورية البريطانية والامبراطورية الفرنسية في القرنيْن الثامن عشر والتاسع عشر باستغلال الأمم الأخرى حتى ارتد الأمر عليهم بدخول ألمانيا كإمبراطورية عظمى ونافست فرنسا وبريطانيا فما كان من بريطانيا وفرنسا إلّا أن حقدتا عليها وحسدتاها رغم ما لديهما من قوة وثراء فاندلعت الحرب العالمية الأولى وخسرت كل الأطراف في الحرب الغالي والنفيس وبعد ان انتصروا دول الوفاق لم يعتبروا بما حدث وقاموا بتحميل المانيا كل المسؤولية عن قيام الحرب ليتخلصوا منها نهائياً ولكن ارتد الأمر عليهم مجدداً بظهور هتلر ورغبته بالانتقام لألمانيا من فرنسا خاصّة فتسبب بالحرب العالمية الثانية وقضى على ما تبقى لدول أوروبا العظمى من ثروات وقوة مما جعل بريطانيا وفرنسا تتخليان بالإكراه عن مستعمراتهما كما اجبرتا بريطانيا وفرنسا الدولة العثمانية بعد الحرب العالمية الأولى عن التخلي عن اطرافها واجبرتا ألمانيا عن التخلي عن مستعمراتها وعادتا ليس لديهما سوى الأرض الأصلية للشعب التركي والشعب الألماني فكذلك ارتد الأمر على فرنسا وبريطانيا اللتان خسرتا تقريباً كل شيء وعادتا لتصبحان دولتان صغيرتان وكأنهما لم يكونا في يوم من الأيام امبراطوريتان عظمتان, وكل هذا بسبب التنافس شبه الأعمى الذي لا يُري صاحبه سوى هدفه ويعميه عن كل شيء آخر ويجعل في قلبه عبارة واحدة لم يعد في وسعه حمل غيرها وهي :(الغاية تبرر الوسيلة).

وفي هذا رأينا الجانب السلبي للمنافسة وهي المنافسة شبه العمياء ولكن ماذا لو جعلنا المنافسة بنية خيّرة..؟..ألن يضطروا المتنافسين أن يرفضوا مبدأ الغاية تبرر الوسيلة وبالتالي سيحرصون على أن لا يؤذوا أحداً للوصول إلى أهدافهم كنية التنافس لأجل خير الناس ولأجل تيسير الحياة على الناس فحينها قد تصبح المنافسة خيّرة وذات نفع عظيم على البشرية كمثل شركتان للحواسيب كلّاً منهما تنافس الأخرى لصناعة الحاسوب الأحسن فيجدوا الناس خياران أمامهم ويختار كل فرد ما يناسبه من الحواسيب وستضطران الشركتان لتحسين حواسيبهما للحصول على قبول الناس وللاحتفاظ بعملائهما كما قد ترفعان الشركتان رواتب موظفيهما وصرف المكافئات لهم للاحتفاظ بهم وعدم خسارتهم لصالح المنافس مما سينفع الناس من موظفين وعملاء ويحسّن من حياتهم أكثر فأكثر إذا ما اكتفتا الشركتان في تحسين حواسيبهما وليس في كيد المكائد ضد بعضهما فإنهما إن فعلا ارتد الأمر عليهما وقد تظهر شركات أخرى تتبع سبيلهما وسنتهما فيكيدون المكائد لهما ولبعضهم فتستعر الحرب بينهم جميعاً وإن تدخلوا اطراف أخرى في هذه الحرب لنصرة جانب على آخر فقد ينتهي الأمر بتسيّد إحدى شركات الحواسيب على السوق وحينها وبعد أن كانت الشركة المنتصرة تلاحق رضا الناس ستصبح لا تبالي بأحد وتقوم بتقليل الجودة في منتجاتها وحواسيبها ورفع اسعارها ثم ستقوم بصناعة ما يروق لها هي وليس ما يريده الناس وسيضطرون الناس للخضوع لأهوائها ورغباتها وشراء حواسيبها ومنتجاتها التي لم تعد تنفع لشيء سوى في تراكمها في المنازل ومزاحمة أهل البيت في بيتهم.