أحد مكونات القصيدة الحديثة يشبه الترجمة إلى حد ما، ربما بسبب اطلاعنا على أدب مختلف عالمي وصل إلينا عبر وسيط اللغة؛ فتسرب إلينا وأنتج في داخل الشاعر تعبير هجين مختلف عما يمكن وصفه باللغة الأصلية، رغم أن الشعر يقرأ بحروف اللغة العربية لكنه مختلفة كثيرًا عن العربية التي نعرفها.

أنا لا أعتبر أنّ قصيدة النثر في شكلها الحالي اعتداء على اللّغة أو كارثة، اللغة ليست جوهرًا نقيًّا ليس دينًا وليست أصيلة جامدة؛ فاللغة التي كُتب بها القرآن عربية واللغة التي كتب بها طه حسين عربية لكن يبدو أننا الآن نتحدث عربية مختلفة عن العربية المستخدمة في القرآن والعربية التي كتب بها جيل التنوير العربي، سلامة موسى، طه حسين، المازني، الرافعي وأحمد شوقي وغيرهم. يبدو أننا بعيدين تمامًا عنهم. فاللغة كائن هجين، اللغة حية ومتلونة ومستقبلة وتقبل التغير ومنفتحة على مفردات جديدة وأساليب تعبير مختلفة.

تسرب الترجمة إلى الشعر العربي هل هو تسرب للشعر العالمي إلى وجدان شعرائنا الآن؟ وهل هذه اللغة تمثل مشكلة فعلية أم أنها مكون أساسي من مكونات انفتاحنا على معرفة إنسانية أوسع من خصوصيات واختلاف الهويات؟