هل لهذا الحد دنىء مستوى الفكر الانساني أن يصبح الضمير مجرد بيدق للعب به؟
لا أدعي المثالية، ربما أعرف نفسي جيدا، وآخرون يتفنون في صناعة ألقاب لي؛ لا يهمني إن كانت كذبا أو حقيقة، فالناس لا يتحدثون إلا عمن شغفهم حبا، أو حقدا وربما غيرة.
كثيرٌ منهم قال- أنني سكير ومتعدد العلاقات- وبعضهم نعتني بالمغرور سليط اللسان، أحمق الرد-، وأكثرهم كرها لي؛ أصبحت شغله الشاغل؛ لا يفعل شيئا سوى أن يحذر الجميع مني وكأنني سرقت فواكة حبيبته التي تخفيها الملابس؛ لا أعرف السبب الحقيقي وراء كل تلك الضغينة؛ ما أعرفه حقا أن من راقب الناس مات همًا؛ وخصوصًا إن كان من يراقبه مثلي؛ شخص مستفز للغاية؛ يعيش على كومة هائلة من الإستفزاز وبيده حجارة جمة من الردود القاتلة يلقي بعضًا منها في وجوه الحاقدين؛ وإن لزم الأمر يستخدم تلك الخوازيق التي صنعها من مكره في اختراق مؤخرات حماقتهم؛ هذا الأمر الذي يروق لي كثيرا؛ فما خُلقت لأعجب الناس، ولا أن يتفق عليّ الجميع!؛ يكفيني فقط الجلوس فوق هضبة الثقة واضعا ساقا فوق آخرى، أدخن غباءهم بشراهة وأنفث دخانه في الهواء ليصيبهم بسرطان مكرهم، يجلسون القرفصاء كمن يقضي حاجته ويتفكرون في حيلة جديدة
للإيقاع بي، حين يعثرون عليها يفزون مسرعين دون أن يواروا سوءاتهم، ثم يبدأون في تنفيذها، يرون الناس يضحكون، فيشاطرونهم ضحكاتهم؛ يظنون أنهم يستهزئون بي؛ ولا يعلمون أن تلك الضحكات ما هي إلا عمن ظهر منهم ..
أنا لا أعرف عن ماذا أتحدث..لا يهم ..فلنعتبرها ثرثرة لا فائدة منها ولا حليب، منذ زمن بعيد أرسلت رسالة لأحدهم، كنت أريد تنبيهه لأمر ما أو ربما لخطأ ما، وقع فيه أثناء كتابة بعض مقالاته التي تتحدث عن المثالية طبعا، فجميع مقالاته لا تذكر إلا مميزات المرأة وحقوقها، ربما لو ذكر بعض السلبيات لنفد حبره ولأقام مؤسس القارة الزرقاء عليه الحُجة، فليس مثله من يذكر عيبا في امرأة؛ جميعهن ملائكة؛ والملائكة لا تخطئ .
المهم لم تُعرض الرسالة بعد؛ كي لا أسيئ الظن به قلت في نفسي - ربما لم يرها لكثرة المتطفلين عليه..
أمس دعتني إحدى الصديقات لتناول العشاء معها وبعض أصدقاؤنا القدامى، لم أرهم منذ أيام الجامعة؛ لبيت الدعوة وأنا في أوج سعادتي، واستدعيت ذكرياتي معهم، حضرت مسرعة دون غضاضة؛ لكن الغريب في الأمر أنه حضر معها؛ تذكرت تلك الرسالة اللعينة وصاحبها المهموم بحقوق المرأة ومتطلباتها ومفاتنها المنسية تحت الملابس.
قبل أن أبتسم رأيت إبليس يجلس فوق شفتي يحك جانب رأسه في تفكير، قلت له يا لعين- لا تفكر كثيرا فما أنت في نظري إلا علكة تمضغها النساء في الشوارع لتثير غرائز الذكور، خذ مقعدا واجلس لتتعلم-؛ أخيرا ابتسمت أنا واللعين وأحصيت عدد الجالسين معي؛ أربعة نساء ورجلين، استأذنتهم في هواتفهم؛ فتحت القارة الزرقاء من هاتف أحد الرجال، قفزت داخل ثياب صاحب الرسالة وكتبت على رابطة عنقه- السلام عليكم أستاذنا الفاضل أريدك في أمر هام-، كتبتها ولهثت نحو هاتف صديقتي الحسناء صاحبة منصة سيدة النساء، نقشت بأطراف أصابع قدميّ على بنطاله الإلكتروني - هاي- جاءني الجواب سريعا، كان أسرع من رد عانس تتلهف الزواج من رجل تعشقه حين طلبها وهو مخمور، تركت الهاتف من يدي والتقطت آخر وأرسلت له - أنت علم أيها الرجل الحكيم، أنا منال ربما تستغرب رسالتي فما يظهر أمامك الآن هو اسم زوجي وكان هذا بناء على رغبته للدخول في هذا العالم الغريب، فقط أحتاج منك بعض النصائح للتعامل معه فهو لا يجيد شيئا سوى التباهي بارتفاع معدل الذكورة لديه-؛ دفعت بالرسالة وسرعان ما أخذتني الدهشة إلى كلماته المعسولة وهي مرصوصة خلف بعضها البعض كأشجار الزينة، تتوسطها إحدى عشرة نخلة من فئة فودافون، تلك الفئة التي تحول المحادثات الكتابية إلى صوتية، تركته يسترسل وقمت بالاتصال به من حسابي الشخصي، قام بإرسالي على الفور إلى جحيم سلة مهملاته التي اكتظت عن آخرها بالرجال، حينها قهقه الشيطان داخلي بصوت مسموع سمعه الحاضرون، سألتني صديقتي عما يضحكني هكذا؛ قلت لها أريد أن تسدي لي خدمة وطلبت منها أن تحدث هذا اللعين مكالمة مرئية لغضون ثوان- فعلت وبعدها أكملت الحديث معه كتابة، لم يمر من الوقت الكثير؛ فقط نصف ساعة وكان أمامي عاريا كيوم ولدته أمه، لم يكن كما ادعى يدافع عن حقوق المرأة وحريتها؛ بل كان كالحمار ينهق على كل امرأة تمر من أمامه، يريد منها معاشرة فقط..
أريد أن أنام الآن سأكمل لكم النص حين أستيقظ ..
#يوسف_حسين
التعليقات