المرأة الصحراوية بين الماضي والحاضر

الثقافة الحسانية ثقافه عريقة تخللتها جمالية وبساطة العيش , لكن رغم تلك البساطة المقتصرة على البدو , ما بين التنقل والترحال , فقد استطاع الانسان الصحراوي الابداع في كل المجالات , منها الأدبية والفنية والثقافية وغيرها , الا أن أبرز المواضيع التي تناولتها تلك المجالات , كانت المرأة الصحراوية عنوانها ومفادها , فقد تربعت المرأة الصحراوية على العرش في الثقافة الحسانية , نظرا لدورها وحضورها الفريدان في هذه الثقافة , فهي الأم والأخت والصديقة و الخالة والعمة... لذلك جعلت منها الثقافة كنزا غنيا. لكن بتطور العصر, تتطور الحياة و كما ارتقى الانسان , ارتقت المرأة في المجتمع الحساني , بعد ما اقتصر دورها على أداء المهام المنزلية , من تحضير طعام ومخض الحليب وجمع الحطب وهي من كانت تنسج الخيمة والحصائر المستعملة فيها أي أن دورها مقتصر على مكان عيشها وما يتخلله . 

اما في الوقت الحالي , وتزامنا مع التطور, فقد تخطت ذلك الدور , لتنفتح على العالم الخارجي ومكوناته أكثر, فأمست امرأة عاملة وحالمة حتى اصبحت سياسية, مديرة, صحفية, طبيبة, مقاولة, ومديرة الى غير ذلك , فأعلنت حضورها الاجتماعي من خلال اضطلاعها بمهام تنموية وثيق الصلة بحياة الانسان .الا أن رغم انفتاحها وركوبها قطار العولمة , فهي لازالت امرأة محافظة , لم تتخلى عن هويتها الصحراوية من حيث الزي التقليدي الملحفة ( الزي التقليدي الذي تلبسه النساء الصحراويات) او ثقافتها اللذان تمسكت بهما بشدة , لأن علاقتها بهويتها علاقه تواصل وتأصيل وانتماء دائما.

لكن لا يمكننا التغاضي عن الصعوبات التي واجهتها لكي تنتقل ذلك الانتقال العظيم , فالمجتمع المتمسك بالعادات والتقاليد قد صعب اول خطوة عليها , لكن بعزيمتها و لأن الموضوع يستحق المحاولة , فقد تخطتها بنجاح . شغلت المرأة الصحراوية حيزا مهما في الصحراء, فقد عرفت لها تقاليد وعادات خاصة, وأحاطت بها تحديات, وأخذت مكانة مهمة داخل المجتمع البيظاني عامة. يقول الشيخ محمد المامي (1282 - 1206  هــ ) متحدثا عما تحظى به المرأة الصحراوية من تقدير واحترام :  ''والنساء عند عامة اهل القطر كأنهن لم يخلقن الا للتبجيل والاكرام ,والتودد لهن , فلا تكليف عليهن ولا تعنيف , فالمرأة سيدة جميع ما يتعلق بالبيت من متاع وماشية, والرجل بمثابة الضيف''  .

ملاحظة :

 محمد المامي بن البخاري بن حبيب الله بن بارك الله بن أحمد بزيد ذو النسب المتصل بجعفر الطيار رضي الله عنه، ومولده سنة 1206 للهجرة ب ” تيرس” في شمال موريتانيا. عاش عمرا يناهز السبعين عاما.