بسم الله الرحمن الرحيم

 بين الماضي والحاضر

 الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد,,,

قد يكون الكثير من الناس يتمنون أحياناً لو أنهم عاشوا في الماضي وقد يميل كل امرئ إلى اختيار حقبة معيّنة, ولكن لننظر إلى زماننا الحاضر فهل هو سيء لدرجة تمني لو لم نولد فيه وتمني لو ولدنا في الماضي؟

فلنرى الفرق بين الماضي والحاضر ففي الماضي كانوا الناس يقضون الأسابيع والشهور للسفر من مكان إلى آخر أما الآن فيمكننا السفر بالطائرات في عدة ساعات فقط إلى أي مكان نريده, وفي الزمن القديم كانوا الناس يركبون الدواب للتنقل من مكان إلى آخر سواءاً كان قريباً أو سفراً بعيداً فكانت تنزل عليهم الأمطار وهم على دوابهم وتحرقهم الشمس بأشعتها أما الآن فلدينا السيارات التي تقينا من الأمطار وأشعة الشمس الحارقة وتوفر لنا مكيفات الهواء التي تمنع الحر عنا.

وفي الماضي لم يكن هناك مكيفات هواء فكان الصيف شيئاً من العذاب وخاصّة في الدول الحارة, وأهل الصحاري كالجزيرة العربية كان الصيف بالنسبة لهم عذاب شديد وخاصّة في المناطق الساحلية حيث الرطوبة الشديدة تزيد الجو حرارة وعذاباً في النهار والليل, أما الآن فلدينا مكيفات الهواء التي تقينا حرّ النهار ورطوبة الليل.

وفي الماضي كان الأطفال وكبار السن يموتون بسبب أمراض هي الآن يتم التعالج منها بشرب بعض الأدوية لمدة أسبوع فتختفي الأمراض وبالكاد شعروا بها المرضى وهم لا يعلمون بأن هذه الأمراض في الماضي كانت كافية لقتل الأطفال وكبار السن.

وفي الماضي كانوا كبار السن الذين يفقدون أسنانهم يعانون اشد المعاناة في تناول الطعام أما الآن فقد اصبح هناك زراعة الأسنان وتركيب الأسنان المتحركة التي ساعدت كبار السن على تناول مختلف أنواع الطعام وكأنهم لم يفقدوا اسنانهم.

وفي الماضي كانوا الفلاحين في بعض الدول يتم شرائهم وبيعهم مع الأراضي وكأنهم مجرد أشياء تابعة للأراضي الزراعية وفي بعض الأماكن كان يتم إجبار الناس على العمل بالسخرة مقابل بعض الطعام فقط وكأن الشعوب بأكملها من غير النبلاء وموظفين الحكومة عبيداً للنبلاء والدولة, وكان في إحدى الدول العظمى يتم فصل العمّال من المصانع عندما تتعرض المصانع للخسائر فيطالبون أصحاب المصانع الدولة بأن تمنع العمّال من السفر إلى المدن الأخرى بحثاً عن العمل لعلّ أزمتها الحالية تنتهي ويعودوا في حاجة إلى العمال لتقوم بتوظيفهم لساعات طوال في كل يوم في أعمال شاقّة مقابل راتب زهيد لا يغني من جوع ولا يكفي إلّا لستر عوراتهم, فكانت الدولة تأمر الجيش بمنع العمال العاطلين عن العمل من السفر لكسب أرزاقهم في المدن والدول الأخرى دون أن تصرف لهم الدولة أي شيء مقابل منعهم من اكتساب الرزق, فما كان أمام العمال العاطلين وعائلاتهم سوى التضوّر جوعاً لحين تقبلهم المصانع من جديد, وكان يصل الأمر بالعائلات بأن يأجروا غرفة واحدة مع عائلات أخرى بسبب الفقر فيفترشوا ارض الغرفة ويناموا معاً.

 أما الآن فقد ظهرت حقوق الإنسان التي تحمي معظم الشعوب الحرة والأفراد من أن يتم التعامل معهم كعبيد أو آلات ولم تعد معظم الدول تجرأ على منع العمال العاطلين وعائلاتهم عن البحث عن الرزق في المدن والدول الأخرى بحجة أن أصحاب المصانع قد يحتاجونهم في المستقبل إذا ما انتهت أزماتهم الاقتصادية.

وكان في الماضي الناس يعانون اشد المعاناة أمام ضعف النظر فلم يكن لديهم نظارات لضعف النظر وقد كان في الماضي أكثر الهوايات شيوعاً هي القراءة فقد كان ضعف النظر يقضي على أكثر شيء ممتع في الماضي, أما الآن فقد اصبح لدينا النظارات والعدسات التي تعالج طول النظر والتي تعالج قصر النظر. ومن هذا كله نجد أن زماننا زمان خير وأمان وراحة وعافية فالحمد لله على ذلك.