لما طُرحت فكرة المنفعة في الفلسفة لم يَنظر أنصار النفعية وحتى البراغماتية إلى أفكارهم على أنها تعترض على القيم الإنسانية، بل تم اعتبار "المصلحة الإنسانية" غاية أساسية لكل فرد حتى وإن قرر إضمارها، بالنسبة لمسألة "الحقيقة" وأن ما كانت للإنسان مصلحة فيه فهو الحقيقة؛ كان يمكن اعتبارها أمرا واقعيا عبر عدة جوانب موضوعية، أما عندما اقترن الأمر بمسألة "الأخلاق" كان إدراج نظريات النفعية بمثابة ذاتيةٍ ظاهرةٍ وتسليمٌ بيِّنٌ للأمر إلى أهواء فردية تختلف وتتعارض على الدوام.

تصنّف مقولة الكاتب والفيلسوف الفرنسي "دينيس ديدرو":

«إن صوت الضمير ضعيف أمام صوت صراخ الأمعاء»

كرأيٍ مؤيد لفكرة أن مصدر الأخلاق نفعيّ، إذ أنه يُغلِّب الحاجة البيولوجية (أي الضرورة حسب تصويره) على حساب الضمير الأخلاقي، فعبّر بقوله أن الأخلاق أمر نسبي أمام أي ضرورة غالبة.

لكن إخضاع مقولته وكذا رأيه ثم أنصار المنفعة عمومًا للنقد؛ يجعلنا نعتبر الأخلاق -حسبهم- أمرًا ثانويا يختلف من شخص إلى آخر..

فلكل إنسان مصلحته الخاصة أليس كذلك؟

وعليه فقد تتعارض مصلحتي مع مصلحتك وسيصعب الفصل في أمرنا مادام معيار الحكم على الأمر أنه أخلاقي من عدمه مرهون حسب تنظيرهم على "المنفعة الشخصية" فأي شخص سنعتمد مصلحته هنا؟

وبتركيز البحث عن "ديدرو" وفكره، يمكن أن يقال أنه وليد الفكر الاستعماري خلال القرن السادس عشر ببروز المدرسة الكولونيالية واتضاح طرحها الذي يقدم الإستعمار كعملية إنسانية تهدف إلى نشر الحضارة، خصوصا إذا ما استند هؤلاء وغيرهم على فكرة "أرسطو طاليس" القائل:

«نقوم بالحرب من أجل تحقيق السلام»

فمع معطيات كهذه سيبدو من المريح بالنسبة له وللمجتمع أن يتقبلوا فكرة أن "إبادة عرق كامل لأجل تسويق فكرة أو إيديولوجية، هي أمرٌ أخلاقيٌّ تماما..، بل غايةٌ في التحضر..!"

ماذا عنكم، هل ترون أن فكرة دينيس ديدرو قد تصح من زاوية ما؟ وماذا عن معيار الأخلاق؟ مع أي مذهب فكري تتفقون؟ أن المعيار عقليٌّ أم نفعي أو اجتماعيّ؟؟