هل الفرضية أساسية في المنهج التجريبي أم يمكن الإستغناء عنها؟


التعليقات

الفرضية خطوة ضرورية في التجريب العلمي. فهي عبارة عن فكرة أحاول ان أشرح بها تلك الظاهرة التي أثارت انتباهي والتساؤل الذي حيره فالظواهر التي يشاهدها العالم في الطبيعة أو المختبر تثير فينا أفكار وتصورات معينة، وهذه الافكار تعد مصدر الكشف العلمي وجوهره. و يمثل هذا الموقف كل من "كلود برنارد ،بوانكاريه ،غوبلو" و يبررون موقفهم بالحجج و البراهين الآتية:

إن الباحث لا يقف عند حدود الملاحظة والمراقبة بل يتجاوز ذلك بمرحلة الفهم والتعقل، والعقل الانساني ميال الى الترتيب والتنظيم لذلك تعد الفرضية خطوة مهمة .حيث يقول برنارد "الفرض هو نقطة الانطلاق الضرورية لكل استدلال تجريبي" .

فالمنهج التجريبي يقوم على ثلاث خطوات هي الملاحظة والفرضية والتجربة ولكن تعد الفرضية أهمها لانها تقود وتوجه التجربة و تعبر عن دور العقل. يقول كلود برنارد :"الحادث يوحي بالفكرة والفكرة تقود الى التجربة وتوجهها". فالإنطلاق من التخمين الذي يضعه الباحث في فرضياته يهيئ له الظروف و الوسائل الضرورية التي تساعده في البحث

كما يرى غوبلو أن "الفرضية هي قفزة نحو المجهول وهي حل مؤقت يتوقف قبوله او رفضه على ما تؤدي اليه التجربة".

وسأترجم لك هذا الكلام على تجربة لدي في مجال الكيمياء ، أثناء رسالة الماجستير وكانت عن مركبات كيميائية علاجية، قبل البدء في التجربة والتطبيق العملي:

  • أولا: جمعنا معلومات حول المركبات من حيث الخصائص الفيزيائية والكيميائية وتأثيرها الطبي وما إلى ذلك.

  • ثانيا: افترضنا تفاعلات من الممكن أن تحدث، واستخدام اكثر من مركب في آن واحد، كلها افتراضات وبالتجربة سنرى أي من هذه الافتراضات ممكنة.

  • ثالثا: بالتجربة العملية كان هناك افتراضات افترضنها ثبُتت بالتجربة من أول محاولة، وهناك افتراض أخذ العديد من المحاولات مع تغيير الظروف المحيطة بناءا أيضا على افتراضات حتى انى أوشكت على الاحباط واليأس وبعد تغيير النسب وما إلى ذلك وصلنا بعد تغيير بسيط في الافتراض.

لذا لولا الافتراض لن توجد تجربة، ولولا التجربة لن يثبت صحة الافتراض.

في الحقيقة عرضتي نقطة مهمة، ونقطة جدلية بالفعل، أتوق لأن يكون هناك نقاش حولها، أعتقد سيكون ممتعا.

ولكن أخبريني ما رأيك أنتِ في هذه النقطة الجدلية؟ هل تؤمنين بالفرضية ودورها؟ أم تؤيدين الفريق الآخر ؟

يقول هنري بواكاريه: إن التجريب بدون فكرة سابقة غير ممكن لأته يستعجل تجربة عقيمة ذلك لأن الملاحظة الخالصة و التجربةالساذجة لا تكفيان لبناء العلم.

الفرضية تختلف في طبيعتها عن طبيعة المنهج التجربي فالمنهج التجريبي ذا طابع حسي و الفرضية ذات طابع عقلي بينما الملاحظة و التجربة حسيتين ونحن نعلم أن الجدال كان قائما بين النزعة العقلية و النزعة التجريبية. تعتبر الفرضية بمثابة خطوة تمهيدية لوضع القانون العلمي، أي فكرة مؤقتة يسترشد بها المجرب في إقامته للتجربة، لأن الباحث يلاحظ الظاهرة أولا ثم يحاول فهمها و تفسيرها فيقترح لها حلا.

وكما يقول كلود برنار "إن التجريب بدون قكرة سابقة غير ممكن" كم أن الفرض الفاشل يساهم في إنشاء الفرض الناجح.

الفرضية خطوة مهمّة من خطوات المنهج التجريبي أعتبرها كلود برنار نقطة بداية لكل بحث تجريبي باعتبارها أمرا عقويا يندفع إليه العقل بصورة عفويةو تعبر عن عبقرية الباحث و قدرته على تجسيدها في شكل قانون علمي وعليه فالفرضية ضرورية لا يمكن الإستغناء عنها و استبعادها من أي بحث تجريبي.

وهذا ما ينطبق على جميع المناهج الأخرى لا يخلو بحث أي كان نوعه من الفرضيات.

ذكرنى موضوعك هذا بمقالات الفلسفة التي كنا ندرسها في البكالوريا.

الفرضية هي عبارة عن بيان محدد أو واضح بهدف التنبؤ، هذه الفرضيات تصف بعبارات محددة ما تتوقع حدوثه في ظاهرة ما. بالطبع لا تحتوي جميع الدراسات على فرضيات، ولكن في بعض الأحيان التي يكون تصميم الدراسة فيها استكشافيًا بهدف ايجاد معلومة ما وليس بهدف اقرار وضع قائم، فبالتالي ليس كل الدرسات تحتاج لفرضيات


ثقافة

لمناقشة المواضيع الثقافية، الفكرية والاجتماعية بموضوعية وعقلانية.

96.9 ألف متابع