خالجتني سعادة غامرة وأنا ماضٍ مع أبي محكمًا قبضتي بيده الخشنة إثر ترميمه للسقف بعد ما ملئ نصف منزلنا المطر ، وصلنا إلى البقال وكان يبادل زبائنا بدا حالهم احسن منا ابتسامات عريضة ويسابق الزمن لتقديم احسن الخدمات لهم وهذا ما انتهى تماما بعد حلول دور أبي ، رنى البقال بكيس الفاكهة نحو أبي وراح يجلس بتعالٍ على كرسيّه الرث ، الآن علمت أن هذا الرجل يُقيّم الإنسان حسب علّو مكانته الماديّة لا الأخلاقية والسحيقون أمثال أبي لايملكون الكثير ليشتروا حسن معاملته ، بينما اخذ ابي يجمع من الفاكهة مايوازي ما معه من دنانير ندهه صوت كسير شجي راجف لرجل عجوز عاجز بدا ضرير فليس يعرف موضع قدمه لولا العصى التي تسنده ، مرّر أبي ما جمعه في الكيس إلى يد السائل العجوز بدون أدنى تفكير او تردد ودونما انتظار مضى ماسكًا يدي لئلا يُذلّ السائل بتفضّله ويريق ماء وجهه ودونما تأمل لكلمات الشكر والامتنان ، بادلني أبي ابتسامة رضىً وقال ( اليوم خرجنا لشراء بعض الفاكهة فكافأنا الله برزقٍ وكسبٍ أكبر واعظم )، الله يعلم إننا فقراء الحال وأنا أصبحت كم نحن أغنياء بأبي..

ـ باقر الأسدي