البداية من اليونان القديمة:

علم الأقناع هو علم يونانى أسسه فلاسفة اليونان وكان ومازال يحوي العديد من الأسرار وتدور أدواته حول كيفية أقناع الطرف الآخر بحجة الطرف الأول، أستخدم علمالاقناع السياسيين فى أوربا القديمة، بدأ الأمر مع التجمعات الشعبية في المدن اليونانية القديمة والتي رأى التجمعات القبائلية فيها أن هناك قضايا مشتركة يجب البت فيها ومعالجتها دوريًا وعقد مجالس دورية للتعامل مع تلك القضايا وحل النزاعات وهذه كانت الصورة الخام الاولية من الديمقراطية القديمة التي بدأت من التجمعات القبلية ليست في اليونان وحدها بل في تركيا وروسيا والفايكنج الأوائل ويقال أنها نقلت مع الفينيقيين من منطقة الشرق الأوسط تلك المنطقة التي كان يحكمها الفينيقيين من البحرين إلى الشام.

برز علم الأقناع مع أنتشار الخطابة بين السياسين وتبارزهم في محاولة لإقناع الأخريين بحججهم مما جعل فلاسفة اليونان القديمة وعلى رأسهم أرسطو أن يحللوا الخُطب ويبرزوا أسباب التفوق عند البعض في الأقناع وأفتقاد البعض الآخر لأثبات وجهة نظرهم حتى وأن كانت أفكارهم هي الاصح ومع تحليل تلك الخُطب برز علم الأقناع الذى في كتاب أرسطو "Rhetoric" - "الخطابة" - والذي مازال يعد الكتاب الأوفي في علم الاقناع والذي يعتبر المرجع الأول للعديد من السياسين والاقتصاديين ورجال الأعمال المشهوريين بل ورجال التسويق بالخصوص خاصة في مجال التسويق بالمحتوى أو الترويج ، بل ويعتمد عليه مركز "كارينجي" الشهير في دوراته التدريبية في الخطابة والتي أخرجت لنا متحدثيين عظام مثل "وارن بافييت" الشهير بـ"حكيم أوماها" داهية الأقتصاد الأمريكي.

أهم مستويات الأقناع:

يقسم أرسطو الأقناع إلى أكثر من مستوى سنتكلم فقط على أهم ثلاثة من تلك المستويات وهم ما يعرفوا بـ " Ethos-Logos-Pathos".

Ethos " أي النفوذ أو السلطة":

أعتقد أرسطو أن من أساليب الأقناع الأهم هو أن تعبر أفعال المتحدث عن كلماته، وذلك المستوى يضفي نفوذ على المستمع ويجعله يقتنع بحجته أكثر.

مثال ذلك:

عندما تبدأ التسويق لمنتج معين تقول " لقد عملت في مجال العقارات لمدة تزيد عن عشرة أعوام بين المقاولين والعمال تنبهت منذ البداية لتكاليف البناء وتكلفة الشقق الفعلية"، بتلك الطريقة أن تفرض نفوذًا على المتحدث فأنت أتيت تتكلم عن العقارات وأسعارها فيجب أن تثبت أنك مؤهل لهذه الجزئية فتستعرض هنا بشكل غير مباشر خبراتك في المجال " لقد عملت في مجال العقارات لمدة تزيد عن ١٠ سنوات.

فبدلًا من سرد درجاتك العلمية أو خبراتك بشكل مقتضب يجب أن تفصل في خبراتك تلك بشكل ليس فيه أي شعور بنرجسيتك.

pathos:

يجد أرسطو ، أنه لا يمكن الوصول إلي حالة القناعة في غياب العاطفة فلكي ننقل الناس إلى أتخاذ القرار يجب أن يحصلوا على حالة شعورية تجعلهم يبدأوا في الفعل ويعتقد أرسطو أن أفضل طريقة لنقل المشاعر من شخص لآخر هي سرد القصص وهنا يتم الاستغراق في سرد المعاناة التي جربتها .

مثال ذلك:

" لقد واجهت صعوبات في الحصول على شقة مع أرتفاع الاثمان بشكل غير منطقي ومفهوم مما جعلني غير قادر على شراء شقة بمبلغ ١٠٠ ألف جنية مثلي مثل غيري من الشباب".

logos - الترتيب المنطقي:

هنا بعد أن قُومنا بفرض النفوذ والوصول لمرحلة شعورية لدى المستمعين ننتقل للمرحلة الثالثة وهو عرض "الخُطة" أو "الفكرة" وسردها بترتيب منطقي سليم يزيد النفوذ ويوصلنا إلى مرحلة الأقناع، وفي هذه المرحلة أنت بحاجة لعرض الأرقام والدلائل التي تشير علي جدوى الأمر فتستعرض أسعار العقارات وأسعار التكاليف الحقيقة وصولًا لمعرفة سعر الشقة الحقيقي بعد حتى أضافة "هامش الربح" وتستعرض كيف يمكن أن تساعد فكرتك - في هذه الحالة "بناء عقار بالتشارك" - في حل مشكلة توفير شقة للشريحة التي تعاني وأستثمار أمن ومضمون لشريحة المستثمرين، فتستعرض الارقام والدلائل وأسعار العقارات في نفس المنطقة التى تبني فيها وهكذا ثم ما هي الخطوات التي يجب أتخاذها بعد ذلك.

مثال " لذا لقد فكرت في كوني لدي معلومات عن التكاليف الحقيقية لأسعار الأرض والعقارات وكيف يتم التلاعب بالأسعار لذا قلت لنفسي لما لا نقوم أنا ومجموعة بشراء أرض وتنفيذ البناء عليها ،فدعوت عشرة من الاصدقاء والمعارف الذين يعانون نفس المعاناة وجعلنا سهم المشاركة ١٠٠ ألف جنية ويحصل المشارك علي شقة بل ويمكن لمن يريد أن يستثمر أن يدخل معنا وبالفعل أستطعنا شراء الأرض والبناء عليها، وقد كلفنا شراء الارض X و تكاليف البناء كانت X وأستطعنا توفير الشقة في تلك المنطقة بمبلغ ١٠٠ ألف جنية لكل مساهم في حين أن أسعار الشقق في نفس المكان تصل لـ ٢٥٠ ألف جنية، وبعد نجاح الأمر قلت في نفسي لما لا أعمم الفكرة ليستفيد غيري وينتفع بل ويستثمر فيها إذا أراد" ونستعرض بعدها الفرص الاستثمارية وهكذا..

ففي هذه النقطة قام المتحدث بسرد القصة والتي قد تكون قصته أو قصة عميل ويشرح فيها نقاط الآلم التي يتشارك فيها نفس الشريحة المستهدفة ثم يصل إلى الحل ويستعرض الفرص الأخرى والدعوة إلى الأنضمام لهذا المجتمع التشاركي سواء للسكن أو للأستثمار.

ماذا نستفيد:

علم الخطابة من أهم وأقدة العلوم التي يجب على المسوقيين وأصحاب الأعمال أن يدرسوها ويبدأوا تنفيذها لإنجاح رسالتهم التسويقية وللوصول إلى تحقيق المبيعات أو لترسيخ العلامة التجارية والرسالة في إذهان السوق المستهدف فعلم الخطابة ووسائل الاقناع تستخدم في العديد من وكالات الأعلان العالمية والعربية وبإشكال مختلفة يمكن أن نتناولها لاحقًا.

دمتم في رعاية الله