إن أحد أكثر الدوافع التي تحث الناس على إنشاء المحتوى الرقمي اليوم هو ارتباطه بالربح المالي. والذي بات يعتمد على كثرة المطالعين لذاك المحتوى وتفاعلهم معه.
التنافس في صناعة المحتوى
بعد ظهور التسويق بالعمولة والإعلانات المدفوعة، تحولت صناعة المحتوى إلى الميدان الربحي التجاري- وكما هو معهود في الميدان التجاري - ظهر التنافس بين صنّاع المحتوى. وفي الحقيقة هذا أمر جيد يحث الجميع على إتقان العمل وتعزيز القيمة المقدمة Value proposition، وكل ذلك من شأنه أن يخدم الجمهور المستفيد من هذا المحتوى.
ماذا عن أرض الواقع؟
عندما تذهب إلى Google أو YouTube من أجل الحصول على معلومة ما باللغة العربية، لن يطول بك الأمر قبل أن تكتشف بأن معظم ما تم إنتاجه من محتوى في عالم الويب العربي ما هو إلى غثاء وآراء لا تستند إلى حقائق أو نظريات معتبرة. بل وكثير منه يعتمد على التفاهة (حرفيا).
إن من المؤسف حقا أن يتحول التنافس من تقديم "الأجود" إلى تقديم "الأرخص" أو "الأسخف" من أجل استقطاب الجمهور المربح فقط!
وقد عرّجت سابقا على هذا الموضوع في مقال مشكلة التدوين بأجر مادي والحل في [وظف هذا الكاتب]
المحتوى والتسويق بالعمولة
يعدّ التسويق بالعمولة أحد أفضل نماذج الربح من الإنترنت والتي لا تحتاج إلى رأس مال كبير، وإنما تحتاج إلى مشروع محتوى يحتاجه الجمهور ومن ثم تنمية ذلك المشروع (اقرأ المزيد حول تنمية مشروعك الجديد على الإنترنت في هذا المقال
لكن تم استغلال التسويق بالعمولة استغلالا بشعا أزعج عامة الجمهور العربي وجعل الكثير منهم يكرهون المواقع العربية. من ذلك على سبيل المثال لا الحصر:
الاحتيال على الناس وجعلهم يشترون ما لا يحتاجون بحجة أن ذلك ضروري للوصول إلى النجاح.
كثرة الرسائل المزعجة SPAM على البريد الإلكتروني.
الكذب والكذب والكذب.
ما زال كثير من المسوقين بالعمولة يعتقد بأنه لا يستطيع النجاح دون خداع وكذب. وهذا غير صحيح بالطبع. تشهد على ذلك قصص النجاح لكثير من المسوقين بالعمولة حول العالم.
ما زال هذا الميدان لم ينضج لدى العرب، وما زال الكثير "يتجنب" الشراء من خلال روابط الأفيلييت حتى لا يكسب المسوّق (وللأسف هذه معلومة حقيقية لا أعلم دوافعها) لكن الاستمرار بتقديم الجيد كفيل بأن يصل الإنسان إلى ما يريده.
المحتوى والإعلانات
الإعلانات طريق آخر للربح من الإنترنت، ومن صناعة المحتوى تحديدا. لكن - وكما في بقية الحالات - تم استخدام الإعلانات بشكل منفّر ومزعج لزيادة سنتات على كل عملية زيارة.
بل أذكر أنني رأيت شرحا لأحد من يعملون في هذا المجال يشرح فيه طريقة خداع الناس وجعلهم ينقرون على الإعلانات بالخطأ!
لا يهم ما الذي جناه الزائر، المهم أنه خُدع، وكسب صاحب الموقع سنتات إضافية من نقرة ذلك الزائر على الإعلان.
في الحقيقة، هذا عمل لا أخلاقي للكسب. هناك مئات الطرق الأخلاقية المربحة من الإنترنت، فلماذا نختار أسوأها؟ عجيب!
الخلاصة
اعمل ما يحلو لك لتربح من الإنترنت، لكن اجعل عملك أخلاقيا يقدم خدمة للجمهور، واجعل هدفك هو التميز الإيجابي وتقديم القيمة الأفضل للجمهور لاستقطابهم وكسب ولائهم. وليس لاعتصار بضع سنتات منهم قبل أن تقذفهم خارج موقعك إلى غير رجعة.
أنا مقتنع بأننا مقبلون على عصر عربي جديد، فيه الوعي والعمل الأخلاقي الناجح والإيجابية. ونصيحتي لكل صانع محتوى أن يستمر في تقديم الجيد الجديد، وأن يحسّن من عمله باستمرار، وأن يصبر حتى يصل إلى النجاح.
التعليقات