المخيب للآمال هنا، أن لكل نصف نصفه الذى يلائمه، نصف واحد فريد تماماً، قد تتشابه الأنصاف لكنه لا يتطابق إلا نصف واحد، قصة حذاء السندريلا تحكي هذا، الحذاء لن يوافق إلا فتاة واحدة فى المملكة كلها، وهذا ما يتطلب قدراً مذهلاً من البحث، عامة البشر ييأسون قبل الوصول!

الأكثر ألماً وخيبة حين تطول رحلة بحثك حتى يفرُغَ قلبُك وينتهي تماماَ، ثم تفاجىء بنصفك المطابق أمامك! إنه هو، لا يزال محتظفاَ بقلب طاهر نقي، ويريد أن يهبك نفسه ويتكامل بك، لكنك صرت أقل من النصف والربع، هذه الأنصاف المزيفة قد سحقتك تماماً كوردة فى طريق الدبابات!

الأشد فتكاَ من هذا، لو كنت إنساناَ أخلاقيا حينها، سوف تضع نفسك فى معضلة هى "أنا الآن فارغ تماماَ، هل أتزوج نصفي المطابق بعد أن بات القلب كخروف صبيحة يوم العيد، هو يُذبح بينما هم يضحكون ويغمسون أيديهم فى دماءه بسعادة غامرة!، أم أتزوج أي امراءة أصارحها أن معها رجل بلا قلب حتى لا تؤمل شيئاً، أم أعيش أعزباً وحيداً، أمرض وحيداً وآكل وحيداً وأنام وحيداً وأموت كذلك!" حين يكون الرجل أخلاقيا ثم تسحقه التجارب سيفكر بمثل هذا حتماً.

لو كان الحب وهماً، فنحن قد صنعناه كي نتغلب على الوحدة القاتلة، كي لا ننتحر، كي نخدع أنفسنا ساعة الجدب بأن السماء سوف تمطر وحين تمطر سوف تكتشف أنه رضيع بال عليك من أعلى وهو يضحك! (يجب أن تغسل ثيابك، لا فرق بين الصبي والجارية فى المذهب).

المؤسف هاهنا، أنك على كل حال -لو كنت رجلاً حقيقياً- لن يمكنك إلا أن تكون وفياً لهذه التجارب السابقة والأنصاف المزيفة، سوف تكون وفياً لأولئك الذين حين أمسكت بأيديهم وبكيت وأنت تقول "لا تتركوني" أفلتوا أيديهم لتسقط من أعلى جبل ثم لم تمت للأسف! ما زلت حياً تحتضن خيالاتهم ثم حين تفيق تكتشف أنه ليس فى الغرفة سواك، أنت وألم الحنين!

المضني والمؤلم، أنه حين ينتهي كل شىء، سوف تكتشف أن لذة الحب كانت ساعة وبقي لك ألمه طوال العمر!، هل خسرنا الجنة الحقيقية؟ أم أننا خسرنا حين ظننا أنها جنة؟ نحن مرضى حين نريد شيئاً لا نهائياً فوق أرض نهائية، لذلك سوف ينتهي كل شىء، الألم والحنين والذكري، لنجتمع فى عالم لا نهائي فى جنة عرضها السماوات والأرض، لكن دون ألم، دون خيانة، دون وداع، الله والمحبة فقط!