المحتوى العربي في الإنترنت فقيرٌ جداً مقارنة بغيره من اللغات، إذ يحتل المرحلة السابعة والعشرون من حيث عدد المقالات على الرغم بأن اللغة العربية هي اللغة الخامسة من حيث عدد المتحدثين حول العالم، كما يصعب الحصول حتى على مقاطع فيديو تخصصية عربية في الكثير من المواضيع سواء كانت علمية أو إجتماعية وغيرها.

قبل ظهور وسائل التواصل الاجتماعي بشكلها الحالي، الكثير من جهود الكتاب العرب كانت تنصب في نشر المعلومات وكتابة المواضيع في المنتديات، التي كانت سمة تلك الفترة في عالم الإنترنت سواء عربياً أم عالمياً، وعلى الرغم من العدد الكبير من المنتديات حينها، إلا أن كان الوصول إلى تلك المعلومات سهلاً نسبيا بسبب أرشفة محركات البحث لها رغم عدم وجود تصنيف منظم لهذه المواضيع. أغلب هذه المنتديات اندثرت الآن وذهبت هذه المواضيع معها دون أي طريقة سهلة للوصول إليها، كما أن المواضيع التي إنتقلت إلى المدونات منها لم تصمد طويلا، حيث انتقل الكثير من المدونين إلى مواقع التواصل الاجتماعي مغلقين معها مدوناتهم دون توفير محتواها في أي مكان آخر.

بعض المواقع المتخصصة في مجالاتها تقدم لمستخدميها المجال لإضافة المواضيع دون الخوف من ضياعها مع التغيير المستمر في عالم الإنترنت، مثل «ويكيبيديا» كموسوعة أو «يوتيوب» لمقاطع الفيديو وغيرها من المواقع، كما توفر هذه الخدمات وصولاً سهلاً لمحتواها مع تصنيفها وتوافقها الكبير مع مواقع البحث، كما توفر مواقع التدوين كـ«بلوغر» أو «ميديم» مساحة لكتابة المواضيع بكافة أنواعها مع ضمان بقائها لفترة طويلة، وفي حالات إغلاق هذه المواقع، فإنها تقدم دائماً طرقاً لنقل المحتوى إلى مواقع شبيهة بشكل كامل دون فقدان أي منه.

ولكن نجد أن الكثير من المحتوى العربي المتخصص ينتشر في مواقع تواصل إجتماعي لم تصمم لحفظه أبداً، حيث نرى الكثير من الأطباء مثلاً ينشر نصائح ومعلومات طبية على صفحاتهم في تويتر وإنستجرام، والتي تضيع ضمن الكم الهائل من المنشورات على هذه الشبكات، دون إمكانية الرجوع إليها بسهولة بسبب ضعف البحث في هذه المواقع وعدم وجود أي نظام تصنيفي يتيح ترتيبها، هذا النوع من المحتوى يكون موزعاً على عدة “تغريدات” او “صور” وتصل بشكل محدود إلى متابعي هذا الحساب خلال الأيام اللاحقة للنشر فقط.

وعلى الرغم من محدودية البحث في تلك الشبكات، إلى أن الرجوع إلى هذا المحتوى أو إستكشاف محتوى جديد والإستفادة منه ممكن ببعض الجهد، ولكن أكثر محتوى مفقود هو الذي ينشر على «سنابشات»، البرنامج الذي تحول من أداة لنشر اليوميات إلى منصة غنية بالمحتوى، حيث تجد فيها معلومات تقنية، نصائح طبية، توثيق سفرات وتحليلات رياضية وغيره من المحتوى الرائع .. الذي يبقى لـ ٢٤ ساعة فقط! هذا المحتوى يختفي بعد ذلك، الجهد المبذول في هذه المقاطع والفوائد الموجودة فيها يحصل عليه المتابعون في هذه الفترة فقط، ولا يمكن الوصول إليه في وقت لاحق (إلا في حالة نشره في يوتيوب مثلاً).

لذا على صناع المحتوى العربي -وهم مبدعون بشكل كبير ومنافس للمنتجين الأجانب- التوجه إلى كتابة ونشر محتواهم عبر منصات تضمن بقاء هذه المعلومات لفترة طويلة وبإمكانية وصول سهلة عن طريق البحث، دون التخلي عن شبكات التواصل الإجتماعي والتي توفر إنتشار أكبر لهذا المحتوى ووصول إلى جمهور أكثر.