ننشأ ونحن نعتقد أن القوة صفة صاخبة وأن النجاة تحتاج إلى درع خارجي يحجب عنا القسوة. ثم نمضي في الحياة ونكتشف بهدوء أن أكثر لحظات النضج عمقا تبدأ حين نكف عن انتظار منقذ. الضعف ليس عيبا بل مرحلة. مرحلة يتعلم فيها الإنسان كيف ينصت لنفسه وكيف يعترف بخوفه دون أن يسمح له أن يقوده.

المطر في حياتنا ليس حدثا عابرا. هو كل ما يفاجئنا دون استئذان. خيبة غير متوقعة. فقدان. كلمة قاسية. أو صمت طويل. بعضنا يهرب. بعضنا ينتظر أن يتوقف المطر. والقلة فقط تفهم أن التقدم لا يشترط صفاء السماء بل صدق الخطوة.

حين يتعلم الإنسان كيف يحمي روحه بنفسه يتغير معنى الأشياء من حوله. لا يعود البلل دليلا على الفشل ولا التعب علامة ضعف. يصبحان أثرا طبيعيا للمشي. المظلة الحقيقية ليست ما نمسكه بأيدينا بل ما نحمله في وعينا. قناعة داخلية تقول إننا نستحق الاحترام حتى ونحن متعبون. وإن الوقوف ليس عنادا بل وفاء للذات.

المجتمع اليوم لا يحتاج إلى مزيد من الأقوياء في الظاهر. يحتاج إلى أناس صادقين مع هشاشتهم. أناس لا يخجلون من محاولاتهم غير الكاملة. لأن من يحمي روحه لا يؤذي غيره. ومن يفهم ضعفه يفهم الآخرين. وهنا تبدأ القوة التي لا تُرى لكنها تغيّر كل شيء.

ليس المطلوب أن ننتصر دائما. يكفي أحيانا ألا ننهار. أن نكمل الطريق رغم الثقل. أن نؤمن بأن الاستمرار قيمة. وبأن الكرامة لا تُقاس بكمية الجفاف في أيامنا بل بقدرتنا على البقاء واقفين حين تثقل السماء.

السؤال

ما الشيء الذي تعلمك أنت كيف تحمي روحك دون أن تفقد إنسانيتك؟