الأحلام خُلقت لأولئك الذين عاشوا حياةً واعدة، لم يذوقوا طعم الذعر، ولم تختبر أرواحهم ارتجافة القذائف، حين يُعاد تشكيل العالم فيك بلحظة واحدة.
أما نحن، أبناء الحرب، فنحيا على هامش الحياة… نُشبه الناجين، لكننا في الحقيقة مجرّد أجساد تُكمِل الطريق بحذر.
نحمل في دواخلنا ذاكرة مشوّهة، متآكلة، نخاف الرحيل كما خفنا البقاء.
فالحرب، وإن ابتعدنا عنها جسدياً، تظل مقيمة فينا، تنحتنا من الداخل، وتعيد تشكيل ملامحنا النفسية بصمتٍ قاسٍ.
تُشوّه جزءًا من أرواحنا، تجعل الفرح شعورًا غريبًا، والأمان أمنية مُحرّمة.
نحمل القلق كظلّ، والخوف كنبض.
نرتجف كلما تذكّرنا من بقي هناك، ونحمل ذنب النجاة كأنها خيانة.
كيف لك أن تحيا حقًّا، وأحبّتك في مهبّ النار؟ كيف تهنأ، وأنت تعرف تمامًا ماذا يعني أن تبقى هناك؟
وهكذا… نعيش في دوّامة لا تكتمل.
من بقي احترق، ومن مضى تآكله الحنين والذنب.
نُراكم الأيام بلا معنى، نُهدر أعمارنا في صمتٍ طويل، يشبهنا.
كل ما نطلبه ليس بطولة، ولا نصرًا، ولا حكاية تروى.
كل ما نريده… أن نعيش بهدوء.
أن نستيقظ دون ذُعر، أن ننام دون كوابيس،
أن نُعامَل كأناس عاديين… لا كناجين في حالة استنفار دائم.
التعليقات