وصلني إشعار من فيسبوك بحذف منشور عن مقولة للشهيد يحيى السنوار من روايته الشوك والقرنفل، جاء ذلك بعد شهرين و أكثر من نشري لها، واستغربت من ذلك لأن الكلمة الوحيدة فيها التي قد تكون أثارت حفيظة فيسبوك هي المعركة، ولم تذكر أيا من الكلمات المتعارف عليها أنها ممنوعة في سياسة فيسبوك، وقد كانت المقولة كالتالي : "منذ هذه اللحظات بدأنا نفهم جيدا أن للصراع وجها آخر غير ما كنا نعي وندرك من قبل، فالمسألة ليست فقط مسألة أرض و شعب طرد من هذه الأرض وإنما هي معركة عقيدة ودين ، معركة حضارة وتاريخ ووجود." لا أعرف مالذي أثار حفيظته بعد كل هذه المدة.
مرة أخرى كنت أتحدث مع شات جي بي تي وتحدثت عن مجتمع الميم، بالرغم من أنه في كل مرة أسأله عن رأيه في موضوع يؤكد أنه لا رأي لديه إلا أنني عندما قلت عقوبتهم في الإسلام ثارت حفيظته وأصبح لديه رأي، وعندما سألته عن قضية أحد الممثلين ومايتعلق بأنه يستحق ماحدث له لأنه تمادى على الذات الإلهية أبدى رأيه وتعاطفه. ربما لو استخدمت أكثر من أداة من أدوات التكنولوجيا لاتضح لي أنها غير محايدة، وأنها تخضع لأراء مصنعيها مهما ادعت حياديتها، ربما أكون بدائية في التكنولوجيا ومواقع التواصل الاجتماعي، ولكن ما اتضح لي أنهم يأثرون على ثقافتنا بشكل واضح، ولا حياد في تكنولوجيتهم ومنتجاتها، يحاولون احتلالنا ثقافيا وفي عقر دورنا، الخوف كل الخوف على الأجيال القادمة، عندما تعارض ابنك على فكرة يجد من يدعمه ويؤيده في شكل ربوت، ليت هذا الربوت يؤيد فكرة وفقط لا بل بطريقة أو بأخرى يدعم بفكرة مضادة من بنات أفكار صانعيه، وهو بوابة لثقافات مختلفة لا تعرف من أي باب يأتيك.
الاحتلال لم يعد عسكريا واقتصاديا فقط، الاحتلال في نفسك ومقتنياتك، أن تتبنى أفكارهم لأن صديقك الصدوق الربوت الذي يحتويك ويفهمك أكثر من أي أحد يدعمك بثقافتهم وأفكارهم، لو أردت أن تقول لي أنك تضخمين الأمر، لا أعتقد ذلك فالتطور التكنولوجي الرهيب القادم إلينا نحن نقتنيه ولا نفهمه مئة بالمئة، تشتريه لضمان راحتك وتطورك وتسهيل حياتك فإذا به يسرق إحساسك الإنساني شيئا فشيئا.
قالت لي صديقتي عن جملة أكتبها على شات جي بي تي فيخبرك بكل شيء عن نفسك، أنا لم أعر الموضوع اهتماما ولكن ابنتي كتبت لي الجملة لأتفاجأ بكم من المعلومات المخزنة بطريقة مؤذية فأنا لا أريد تخزين كل حرف كتبته ولا أريد منه بناء شخصيتي ورسمها، هو كان مجرد ورقة ولكنه ورقة ناطقة؟
سمعت اليوم أن هناك فتيات يعشن علاقة عاطفية مع ريبوتات مثل شات جي بي تي بدلا من عيشها مع رجل، بعض النظر عن مصداقية المعلومة لكن أليس هذا نوع من التوحد، أن تكتفي بذاتك بهاتفك وتبتعد عن التفاعل مع أسرتك ومجتمعك المحيط، لقد أصبح التوحد ليس مرضا يأتي من الطفولة لقد أصبح العديد من البالغين يعيشون طيف توحد من نوع مختلف، أليس هذا يشكل خطرا على مجتمعاتنا وثقافتنا، لقد أصبحنا نلهث على كل جديد تكنولوجي بهدف حياة مادية أفضل ولكن ناسين تماما الروح الإنسان، قريبا هل سنصبح نحن شكل من أشكال الريبوتات؟لقد أصبحنا ننام وعيوننا مفتوحة فالخطر لم يعد قادم من الخارج وإنما من قلب بيوتنا.
التعليقات