حين أقول مكان، ما الذي يتبادر إلى ذهنك مباشرةً ككاتب؟ قد لا يقتصر الأمر في هذا السؤال على البلد أو مدينتك أو غرفتك وحيّك، بل قد يتعدّاه إلى كوكب أو فقاعة ماء أو علبة للكبريت، قد يكون ثقباً في باب، كل حيّز هو مكان، هو جغرافية قد تصلح لحكاية في حال كان محرّكوها منسجمين تماماً مع ذلك المكان الذي اخترناه، جغرافيا قصّة عن النحلة أزهار، جغرافيا الحديث عن ملاك كواكب وعالم وسيع والبشر الأرض التي نعرفها والاحتمالات اللامتناهية فيها للأماكن فيها التي لا نعرفها، بل نتعرّف عليها أثناء القصّة. 

لماذا علينا أن نهتم بهذه التفصيلة جداً أثناء عملنا على قصّتنا؟ أي أن نهتم باختيار الأماكن التي تدور به فُلكُ حكايتنا وتدور بها أحداثها؟ سأذكر أهم عامل تقريباً، ممثلاً:

  • لكل مكان جغرافي مأهول بالبشر مثلاً وحدة ثقافية مادية ظرفية ونشاطات ومعارف واعتقادات وتكوينات مختلفة تماماً عن المكان الجغرافي الآخر، الولايات المتحدة لا تشبه مصر نهائياً، وبالمثل الاسكندرية لا تشبه القاهرة والقاهرة لا تشبه حيّك فيها إن كنت تسكنها وبيت جارك لا يشبه بيتك، كل وحدة مكانية ظروفها الخاصّة وبالتالي حين تختار المكان بالحقيقة أنت تختار الظروف التي فيه، تختار الآلام التي فيه، القضايا التي فيه، بالمختصر مزاجه الخاص ومزاجه سينعكس بالطبيعة على قصّتك شئت أم أبيت. 

يقول الكاتب المصري الناجح أحمد مراد في كتابه القتل للمبتدئين المُختص بكتابة السيناريو الجملة التالية وهو يصف أهميّة المكان والجغرافيا بالنسبة للرواية والسيناريو وبأنّ الأمر ليس اعتباطياً ولا يجب أن يكون حاله كذلك نهائياً: "الأماكن التي نختارها لها روائح ومشاهد وأصوات فريدة، اخترها بعناية وبقصد وباستفادة كاملة للشخصيات والأحداث.. إذا تبدّلت جغرافية عالمك بسهولة ودون إحداث إيّ تغيّر في الأحداث، فأعلم أنّ هُناك مشكلة ملخصها أنّ شخوصك ينقصهم جغرافية مناسبة تؤكد معاني الرحلة التي يخوضونها، وتساعدهم على اختبار أفضل وأسوأ ما فيهم" انتهى التعليق.

اليوم لمجرّد أنّك قد تسمع أنّ الرواية الفلانيّة عن سوريا ستشعر بالحزن قليلاً، ستشعر بذلك دون أن تُدرك أنّك استدعيت الظروف المحيطة بالمكان لا المكان ذاته بذكره والعكس ربما قد يحصل عن الإمارات. وأنت؟ ما رأيك بالأمر؟ بجغرافيا القصص؟ هل تعرف معلومات أخرى عن الأمر؟ أو لديك رأي مغاير عن الآمر قد تشاركنا به؟