عندما نتأمل قول الله - عزوجل - (( لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (٩٢) )) ال عمران

تعلم أنك لن تُعطى حتى تنفق أنت مما تحب ومما تملك ومما تفيض به وقد خزنته خوفا عليه من النفاد ، وليس الإنفاق محصورا بصورة معينة او عطاء محدد بل كل مايطلق

عليه عطاء ..

تذكر :- حتى تبدأ أنت أولا !!

وقف أيضا متأملًا قوله - تعالى- حين قال (( … وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنفُسِكُمْ وَمَا تُنفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (٢٧٢) البقرة

تعلم أنك حين تعطي فإنما أنت يا صديقي تقدم لنفسك ، نعم لك أنت فلا تغتر بالصورة الظاهرية ، فالحقيقة أن عطاءك هذا عائد إليك ، وقد يرسله الله لك أحوج ما تكون أنت إليه ، وستوفاه الآن الآن لن يتأخر عنك وسيأتيك وستراه عاجلا غير آجل ولكن تفطن فقط وافهم عن الله !!

وحين ترى قوله عزوجل (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلَّا أَن تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (٢٦٧) البقرة

ترى ملامح العطاء والإنفاق - ولست اقصد فقط النقود بل كل ما يطلق عليه عطاء فيدخل فيه المشاعر والكلام وغيره - وأنه من كسبك ومما تملك وما هو متوفر لديك فلست مكلفا أمرًا فوق طاقتك او شيئا لا تملكه .

وترى جليا واضحا أن مالاترضاه لنفسك ولن تأخذه إلا مرغما لا تقدمه لغيره ، فالله غني عنك وعن عطاياك وأنت إنما تعطي لمنفعتك الشخصية فتفطن !!

وتيقن أنه سيحدث الحوار التالي (( الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (٢٦٨) البقرة

نزاع أبدي بين الخير والشر فحين تعطي سيكون هناك صوت يحاول أن يخذلك عن العطاء وعن الإنفاق بشتى الطرق مرة بأن يعدك بالقلة والفقر ومرة بأن من تعطيه لا يستحق ذلك العطاء ووو غيرها من الحيل الكثيرة ، ولكن أنت قف أمامه ثابتا وقل له :- الله وعدني الفضل والوسع على هذا العطاء ، فكلما أنفقت توسعت اكثر واكثر وعلى قدر إنفاقك يكون هذا التوسع.

وتنبه لهذه النقطة أخي (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالْأَذَى …)) نعم فلا معنى لعطاء حين تعدد تلك العطايا ، أو تنتظر شكرا أو جزاء عليه ، وهذا دليل واضح أنك أردت المقابل ممن قدمت له !! وأنك لم تقدم لنفسك بل قدمت لأجل مقابل من هذا الشخص!! ، وقد أخطأت في تلك النية لذلك أنت هنا اضطررت لأن تعدد هذه العطايا لعله يفهم أنك صاحب الفضل والمن !!؟ ، ولن يفهم صدقني ، لانك تعاملك مع خالقك خطأ !! لأنك لابد حين تعطي تتذكر ((إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا (٩) ))

قدم لنفسك دائما!! أعط مما تفيض به فإن نفعه عائد إليك وسيعود حتما وليس شرطا من الشخص نفسه بل سيرجعه الله لك قطعا وهذه سنته سبحانه في كونه.

وتأكد أن العطاء إن رده الله إليك فلن يرجعه لك نفسه بل سيرجعه مضاعفا !! ولكن هذا يعتمد على نيتك فهذب تلك النية دوما !!

((مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٢٤٥) ))البقرة

((مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (٢٦١) )) البقرة

((وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِن لَّمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٢٦٥) البقرة

وماسبق حين تراجعه تراه واضحا في الحض على العطاء ،

وهنا ستلاحظ ملحظا اخرا في سياق الايات فلنتأمل (( الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (٢٤) الحديد

وقوله تعالى ((وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَّهُم بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (١٨٠) ال عمران

نعم شر لك أن تمسك فالحياة جارية وفي سريان مستمر وأنت حين لا تمشي مع هذا السريان لن يعود لك اي عطاء ولا اي رزق آخر فأنت هنا تهلك نفسك وتضرها من حيث تظن أنك تنفعها ، اعط كل احد وكل من تشعر أنه بحاجة لذلك العطاء لاتعط من شيء لا تملكه فأيضا هذا لن ينفعك ، أعط وستسعد من هذا العطاء حتما ، لأنك حين تنفق ستُخلف خيرا ، حين تعطي ستعوض أضعافا عظيمة .

أعط من يحتاج وسيرجع لك ، أعط وسترى عجبا اعط لأن العطاء سنة كونية

ابدأ بإعطاء واجباتك اولا ، ثم توسع ….

وسأقول لك نكتة جيدة لعلها تنفعك >> عطاؤك يجب أن يكون ممتعا لك من الداخل تشعر بمتعة لاتعلم سببها فهنا نعم اخي تقدم ، واستمر طالما تجد مثل هذا الشعور ، وإن اختفى وصار ثقيلا توقف وراجع حساباتك جيدا !!

دائما اسأل نفسك >> هل أقدم حتى آخذ مقابلا ؟! أم أنا أقدم لنفسي !؟ ستعرف هنا حقيقة كل عمل 🧐