جاءت وسائل التواصل الاجتماعي كغيرها من القنوات المختلفة تحمل الإيجابيات والسلبيات. ولعل أهم سلبياتها التي رأيناها استغلال صغار السن والأطفال بشكل سلبي من أجل تحقيق بعض المكاسب ومن أهمها الشهرة لأولئك المستغلين. وقد تنبه المجتمع بشكل عام لهذا الاستغلال ووقف منه موقفاً رافضاً وساندته المؤسسات الحكومية المختلفة وعلى رأسها وزارة العمل والشؤون الاجتماعية.
ولكن الأدهى والأمر من استغلال صغار السن هو الاستغلال لكبار السن، حيث ظهرت اليوم الكثير من الأدوات التي لم يألفها هؤلاء ولم يألفوا استخدامها. فقد صنعت هذه الأدوات لجيل غير جيلهم، وكما يقال لكل زمان دولة ورجال، ومن هنا ظهرت لنا العديد من المقاطع التي تصور بعض هؤلاء المسنين في مواقف محرجة سواء عند طرح أسئلة لم يعتادوا عليها عليهم، أو عند تعاملهم مع بعض وسائل التقنية الجديدة بالنسبة لهم مما يجعلهم مثاراً لتندر الحضور أو المشاهدين.
والحقيقة أن في مثل هذه الأعمال استخفافاً بهؤلاء المسنين وامتهاناً لكرامتهم وتعريضهم لمواقف ليس من حق أحد أن يعرضهم لها، بل واستغلال واضح لهم من أجل زيادة عدد المتابعين، وهذا بلا شك يؤثر على صحتهم النفسية.
حيث يجب ألا ننسى أن هذه الفئة العمرية تتصف بالحساسية الزائدة، حيث يتحسسون من الكثير من الممارسات التي يقوم بها الشباب من حولهم، بل قد يتحسسون من بعض الألفاظ والكلمات التي قد يطلقها البعض دون قصد، وكما أن تصوير الصغار يعتبر جريمة تستحق العقاب الصارم، يجب أن يكون تصوير كبار السن بهذا الشكل هو الآخر جريمة تستحق العقاب، إن مثل هذه الممارسات تكشف سطحية التفكير ليس فقط عند العامة بل وعند بعض النخب الذين يستغلون كبار السن بهذه الصورة. إن التعامل مع كبار السن بهذه الطريقة يتنافى مع مبدأ التوقير الذي نادى به الإسلام: "ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويوقر كبيرنا".
التعليقات