لا يخفي علينا أن الاتصال الشفوي من أقدم أشكال التواصل  والتفاعل البشري، كما أن الرموز والأصوات عاملان في نجاح العملية الاتصالية، وعليه تتشكل اللغة من عدد لا متناهي من الأحرف والكلمات التي نستعملها لتسجيل الأنشطة اليومية. وكل كلمة من لغة معينة قد تحمل الألاف من المرادفات قد تنطوي أحيانا على المعنى نفسه، وعليه قد نتساءل هل معنى "الخوف" يحمل الشعور نفسه والعاطفة لو قيلت باللغة الإنجليزية؟

ربما قد نجد بأن عدد لغات العالم الرسمية حول العالم يبلغ أكثر من 7000 لغة؛ أما عن لغات الأكثر استخداما قد نجد اللغة الإنجليزية، الصينية، والعربية...، ولكن أحيانا لا يكمل المشكل في المعاني والدلالات الواسعة التي تحملها المفردة الواحدة، إلا أننا قد نجد بأن الترجمة قد تفسد الشعور والإحساس بمعاني التي يعبر عنها الكاتب في لحظتها، هل يمكن أن تعبر ترجمة كلمة "غضب" الإنجليزية والتركية والصينية عن حالة الغضب ذاتها لدى كل الناطقين بتلك اللغات؟

يقول الباحث في قسم علم النفس والأعصاب بجامعة نورث كارولينا الأمريكية "جوشوا كونراد جاكسون": "أن الكلمات لا تُعبر عن المعاني ذاتها بالضرورة عند كل اللغات؛ وعليه يمكن أن نقول بأن كلمة "حب" بالإنجليزية لا يكون لها المعنى نفسه بالنسبة لـ"الأمريكان والمصريين"، ويتضح ذلك من خلال أن مفهوم "الحب" باللغة العربية له مستويات ومرادفات وإن كانت مشابهة مثل غرام وعشق وتعلقِ وغيرها إلا أنه لا تؤدي الغرض نفسه.

مجلة "ساينس" نشرت في عام 2019 نتائج لدراسة علمية قد حلل فيها الباحثون الكلمات التي تصف المشاعر في 2474 لغة منطوقة تنتمي لـ20 عائلة لغوية رئيسة، عبر استخدام مبدأ "التضافر اللغوي"، وأظهرت النتائج بأن هناك تباينا كبيرا في معاني الكلمات الدالة على العاطفة في اللغات المنطوقة يقل كلما زاد القرب الجغرافي. ولخصوا إلى أن الكلمات - حتى إن كان لها المعاني ذاتها- لا يمكن أن تعكس الحالة النفسية أو المزاجية على نحو متماثل بين الثقافات والشعوب المختلفة، فالكلمات المتشابهة تنشط من الناحية الفسيولوجية مناطق مختلفة في الدماغ.

ربما كلنا قد لاحظنا ما تعرضت له الروايات المترجمة بغير اللغة التي كتبها الكاتب في الأصل، وقد أدى التضافر اللغوي الذي جمع كلمات متنوعة تعبر عن الإحساس والعاطفة الى إتلاف لمعنى النص وغياب مقصوده الحقيقي، والعجيب في ذلك عندما تلاحظ بأن رواية قد حازت على جائزة نوبل للآداب، ولكن خلال قراءتك لها تتفاجئ بمستوى التعبير الركيك، وبالتالي لا يمكن على الإطلاق اعتماد الترجمة لفهم تأثيرها في المشاعر في المجموعة التي تتحدث لغة مغايرة.

وماذا عنك، هل تعتقد بأن التضافر اللغوي والترجمة من بين أهم الأسباب في إتلاف المعنى، أم أن هناك أسباب أخرى؟