منذ بدء الخليقة وطبيعة البشر تختلف ولكل منهم شخصيته وصفاته التي تميزه عن الأخرين، وهذا الاختلاف ناتج عن تركيبة في البنية الفكرية والعاطفية وهذا أمر طبيعي، ولولا الاختلاف بين أبناء البشر، لما حدث الإبداع والتطور.

حتى أنه أثناء عملية الكتابة كل منا طريقته في التدوين والتعبير، فهناك من يجد راحته في الكتابة المتقطعة عبر فترات محددة، وهناك من يبدأ الكتابة حتى إذا إستعد لطقوسه الخاصة، غير أن القارئ قد يعتقد أحيانا بأن الكتابة لا تتطلب الكثير مجرد إحضار ورق وقلم فقط، إلا أنه في الحقيقة غير ذلك، ففعل الكتابة لا يتحقق إلا إذا كان الكاتب منسجما مع حروفه، سارحا مع خياله.

 قبل سنتين بدأت أتعود على الكتابة الإلية بإستخدام مفاتيح الحاسوب، أصبحت أمتلك هذه العادة ولا يمكنني التخلي عنها، وإن صح القول بأن الكتابة اليدوية في تحرير للمقالات بدأت أهجرها كليا. أعتمد عليها في حالات فقط، مثل تدوين المشتريات، بعض التعليمات، وأحيانا أخرى في الكتابة العفوية الصباحية لتجميع الأفكار.

لكن هناك بحث صدر عن جامعة جونز هوبكنز الأميركية حول تعلم الكتابة اليدوية ومحو الأمية توصلت نتائجه الى أن ممارسة الكتابة اليدوية لها انعكاسات إيجابية فعالة في تعزيز التعلم وتحفيز الذاكرة مقارنة مع ممارسة الكتابة عبر الأجهزة اللوحية.

ليس هذا فقط، فمؤخرًا قرأتُ دراسة حديثة صدرت من مجلة علم النفس في 29 يونيو2021، أفادت بأن الكتابة اليدوية تعمل على إشراك مناطق الدماغ الحسية التي لا يتم تنشيطها عن طريق الكتابة على الآلة الكاتبة، ويساعد هذا النشاط العصبي الطلاب على التعلم بشكل أفضل. وحتى أن الضغط على القلم في الورق ينشط الذاكرة، ويخلق اتصالا بين أجزاء مختلفة من الدماغ وتدفعه للتعلم واكتساب المعرفة.

قبل عامين كنت أضغط على نفسي من أجل تعلم الكتابة السريعة عبر الحاسوب وتعلم مهارات التفكير، بمعنى أنني استغرقت عامين لتعلم هذه العادة، اليوم، أعلم لو أحضرت قلما وورق لأكتب مقالا لاستغرقت ساعة لكتابته، في حين أن الكتابة الألية أكسبتني ميزة سرعة الكتابة والإلهام المتواصل قد لا استغرق 30 دقيقة لكتابة المقال، برأيكم هل أبدأ في التخلي عن هذه العادة كون الكتابة اليدوية تخلق نتائج إيجابية مقارنة بالألية، وماذا عنكم أي نوع من الكتابات تعتمدون عليها، هل الكتابة اليدوية أم الألية؟ ولماذا؟