أثناء تصفحِنا لكتاب ما، بإمكاننا أن نتخطى قراءة المقدمة، وبعض النصوص، لكن الشيء الذي من غير الممكن أن نفوته، هو قراءة إهداء الكاتب الذي يعدُ بمثابة مقبلات تفتح شهيتنا للاستمرار في القراءة، وأحيانا قد نجد الإهداء يحمل معنى مختلف، عن الذي تحدث عنه الكاتب في مضمون نصه، والكاتب لديه الحرية الكاملة في تعبير عن إهداءه بأي لغة أرادها وبأي طريقة يعبر عنها. لكن قد يكون إهداءً غريبا يدفع بنا أحيانا لاقتناء كتاب ما بحثا عن تلك التعبيرات المماثلة للإهداء بين فقرات النص.
ومهما بحثنا عن الدوافع الخفية لتوظيف بعض إهداءات لن نصل لفهم ما يريد إيصاله، قد نعجب بالفكرة، وقد تروق لنا القافية اللغوية التي صاغ بها ذلك الإهداء، ولكن أن نفهم لمن يوجه هذه الرسائل لن نعرف، كأنه يتمنى شخصًا واحدًا من بين عامة القراء أن يقرأ رسالته، وفي ظل ذلك نشعر بأن تعبيره يلامسنا، وأن يصل إهداءُ مكون من عدد الكلمات أن يؤثر في القارئ فهذا يدل على براعة الكاتب ونجاحه في اصطياد حب قًارئ له حتى ولو لم يتم قراءة كتابه كاملا.
وغالبا ليس كل الإهداءات بإمكانها أن تلفت انتباه الكاتب، مثلا الإهداءات التي تأتي حاملة رسائل مباشرة وتعبير واضح يمكن أن يعجب بها الكاتب وربما نجد ذلك خصوصا في الكتب العلمية والفكرية، ولكن الإهداءات الملفتة التي تجعل القارئ تمتلكه دهشة في إيحاء التعبير لحد أن تصيبه هستيريا من الضحك يكون في الغالب ضمن الكتب الأدبية كالشعر، الرواية، القصة، أبرز هذه الإهداءات:
1-العاطفية: المعبرة بصدق عن أحاسيس الكاتب كأنه يستذكر لحظاته القاسية التي مر بها أثناء تأليف لهذا الكتاب، أو رسائل مباشرة للبعض أقاربه، مثلا كتب الروائي عبده خال، إهداء في أحد رواياته: " ليس هناك ما يبهج : إلى أبي ذكرى وحزن ولهفة متأخرة"
2-الساخرة : تأتي من كاتب أراد أن يشارك بعض المواقف الحياتية التي مرت عليه، وبالرغم من الألفاظ الذي يحمله هذا الإهداء إلا أنه واقعي يعكس شخصية الكاتب، من بين ذلك اهداء كتاب ذكريات سمين سابق للإعلامي تركي الدخيل جاء إهداء لمشاركة معاناته في التخلص من السمنة فيقول:" إلى الميزان، بأنواعه الإلكتروني منه، وذي المؤشر الأحمر! أيها الصامد أمام أوزان البشر، يا من تتحمل البدين منهم والنحيف، يا من تصبر على ثقل دمهم قبل ثقل أجسادهم".
3- الغريبة: في الغالب لا تحمل معنى واضح، وقد يكون تعبيرها ركيكا، إلا أنها مضحكة وتعبر عن خفة روح كاتبها، مثلا اهداء الروائي غابرييل غارسيا ماركيز في روايته «الحب في أزمنة الكوليرا"، قائلاً (الى زوجتي مرسيدس. طبعاً ).
وماذا عنكم يا اصدقاء، كيف ترون مسألة إدراج الإهداء في الكتاب، هل تعتبرونه أمرا ضروريا أم بإمكان الكاتب أن يتخلى عنه؟
التعليقات