أحيانا قد نبذل جهدا كبيرًا في تحرير بعض المقالات، نتعب في استحضار تلك الأفكار، نسهر في البحث عن أدلة علمية تدعم زاويا معالجتنا للموضوع، ظنا منا بأن ما قد نتطرق له سيصنع فارقًا عن المضامين الأخرى، ينور رأيا ويجيب استفسارات القُراء هذا ما يخلق تفاعلًا بينهم، لكن بعد ذلك نتفاجئ بالتفاعل الضئيل اتجاه المضمون، وأحيانا أخرى قد نجد اللايكات أكثر من التعليقات .

صدمتنا اتجاه هذا الانخفاض يقودنا إما لتوقف عن النشر ونظل نكتب من أجل أنفسنا فقط، أو قد نشكك في قدراتنا وألية معالجتنا للمواضيع، وما يحصل معنا لا نتحمل مسؤوليته وحدنا بل يتشارك القارئ فيه، الكاتب عندما يجد بأن صدى كلماته تصل للقارئ يدفعه للاستمرار في الكتابة، ولو كلفه ذلك البقاء مستيقظا لحد هزيل الليل.

شخصيًا، في الفترة الأخيرة لم أعد أنشر شيئًا عبر صفحتي الشخصية نتيجة ما لاحظته من انخفاض لتفاعل، لا أهمية أن أنشر من أجل أن أنشر فقط ولا أجد شخصًا يناقش تلك الأفكار أو يعبر عن وجهة نظره، ألهذه الدرجة أصبح القارئ يطغى عليه الخمول يكتفي بالقراءة وضغط على زر الإعجاب، يمرر المحتوى بدون تقديم إضافة أو غربلة...

من ناحية أخرى، أتحسر كثيرًا عندما ألاحظ أساتذة وباحثين يتطرقون لموضوع علمي مهم ولكن مع ذلك لا يحصلون على مشاركة محتواهم، في المقابل نجد المحتوى الرديء المفرغ من أية قيمة عدا أنه يسخر ويستهزأ من خليقة الله لنجده بعد ثواني يغزو أغلبية الصفحات كالنار في الهشيم.

وكلنا نعلم بأن ما يجعل الكاتب محبوبًا بين قُراءه هو واقعيته وصدقه، وهو ما يدفع القارئ بالشعور كأن صديقا مقربا له يحادثه بين الأسطر، هكذا جاء وصف الكاتب الأمريكي كان جيروم ديفيد سالينجر: "الكتب التي تثير اهتمامي بالفعل هي تلك التي عندما أنتهي من قراءتها أرغب في أن يكون المؤلف صديقًا عزيزًا لي، وأستطيع أن أخابره بالتليفون في أي وقتٍ شئت، ولكن هذا لا يحدث كثيرا.”

أعلم بأن هذه المسألة لو ناقشناها قد نستغرق ساعات في تشريح أسبابها وخلفياتها، لكن ما لابد أن نعلمه من كل ذلك بأن الكاتب لا يتحمل العتاب وحده أثناء عدم حصول محتواه للتفاعل، القارئ شريك مما يحصل، والتغيير لا يأتي بين ليلة وضحاها، التوعية والنشر الواسع لمضمون القيم هما عجلات القيادة لتغيير اتجاه التفكير وذلك بإعطاء كل ذي حق حقه ومكانته بدون تضخيم أو تزيف للحقيقة.

أصدقائي الحسوبين، هل المحتوى الذي يحصل على اللايكات فقط يدفعنا للاستمرار في الكتابة أو هو مؤشر لتغيير من المجال الذي نتطرق له، شاركونا أفكاركم.