الاختلاف في الرأي من الأمور الطبيعية في حياتنا، لكن الكثير منا قد يخلط بين تقديم الرأي في موضوع كونه مجرد حكم ذاتي يتكون لدى صاحبه نتيجة انطباع يتماشى مع ما يعتنقه من أفكار وقيم ومبادئ يؤمن بها وبين علم يرتكز على قواعد فكرية ثابتة هذا ما يطلق عليه بالنقد الموضوعي المستند على براهين وحجج ليست مجرد انطباع أو تصور، وما قد يقع فيه الكاتب هو الغرق في دوامة الرأي ذاتي مرتبطًا بعاطفته وتوجهاته خصوصًا في المواضيع الحساسة و قضايا الرأي العام. ففي هذه الحالة مثلا هل تقديم رأي الكاتب قد يزعزع هيبته أمام قراءه؟
يمكن القول أن من حق أي شخص أن يقدم رأيه سواء كان صائبًا أو خاطئًا وهو مجرد رأيا نابعًا من رؤية اجتهادية شخصية ليس لها مرجعية علمية، ولكن أصحاب النقد هم قليلون جدًا وقد نجدهم أشد حرصا على تتبع الأحداث عن كثب وفق علم ودراية وإلمام يشخص الحالة ويُضع لها الحلول المناسبة اعتمادً اعلى مرجعية قوية يستفاد منها.
وما قد يقلل من قيمة الكاتب أحيانًا عندما يحاول ركب الموجة واستغلال الأحداث الساخنة في المجتمع ليتناول مواضيع معبرًا عن رأيه لا لشيء سوى اختلافه مع شخصية معروفة ظنًا منه بهذا التصرف قد ينفر الجمهور من الشخصية في المقابل يجذب القراء له، لكن متناسيًا حقيقة ما هو واقع فالتطور التكنولوجي اليوم ساهم في التدفق الهائل للمعلومات وتنوع الكبير للمصادر، لذا القارئ اليوم لا يحتاج لمن يقدم أراءه في واقع مكشوف للعلن ما يجعل تقييم ما يكتب يضعف الحجة وغيب فيها المنطق والموضوعية، وتدريجيًا يفقد الكاتب هيبته أمام قًراءه. لكن ما يحتاجه القارئ هو تقديم حجج منطقية وبراهين تساعده في فتح أعينه في أمور يجهلها.
لذا الكاتب الذكي هو الذي ينجح في التعبير عن رأيه ضمنيًا، ويجعل الحجج والأرقام في مقدمة ما يذكر، تاركًا للقارئ التخمين في الموضوع وفرصة لتأييد أو رفض ما تناوله.
لكن السؤال الأهم، هل يمكن اعتبار اختيار الكاتب لزاوية التناول عن أخرى تمثل نوع من إبداء الرأي؟ ما يمكن قوله أن أي موضوع يبدأ بفكرة و الفكرة هي كل ما يتردَّد على الخاطر من آراء ويحتاج لتحليلات للوقائع والأحداث، بعدها يتم تعميمها الى بناء نقدي يتناول زاوية معالجة دون الأخرى بذكر مواطن ضعف وقوة ما تم طرحه بالاعتماد على مرجعية علمية وفكرية. ويمكن للكاتب أن يتفادى الوقوع في دوامة الرأي الذاتي الغير مستند، بتجاهل أي موضوع ليس له دراية تامة وخلفية قوية بما يتناوله.
وماذا عنكم يا أصدقاء، كيف ترون مسألة الانتقاد وإبداء الراي؟ وهل وقعتم ذات مرة في فخ الرأي ظنًا منكم أن ما قدمتموه نقدًا منطقيا للقارئ؟ شاركونا تجاربكم.
التعليقات