«اتّصلت بي كِنِّتي في الثانية صباحًا، تطلُب منّي الحضور فورًا، ولكن أن أبلّغ الشرطة أولًا بأنّها قد قتلت أخي».

هكذا يبدأ الأمر مع «فرانسوا دلامبر» الذي تلقى مكالمة هاتفية من زوجة أخيه، والتي أبلغته بأنها لتوها قتلت أخيه، بأن سحقته تحت المطرقة البخارية.. ومنها نجد أن الأديب الفرنسي «George Langelaan - جورج لانغلان» قد انطلق بحبكته الدرامية لقصّته الكلاسيكية القصيرة «الذبابة»، والتي نشرها لأول مرة عام 1957.

مثل هذه البداية تحير وتجذب القارئ على الفور إلى المتابعة لكشف السر وراء الأحداث، ولماذا اعترفت القاتلة بسهولة؟ لكننا لا نعرف لماذا قتلت زوجها، ولا يوجد دافع معروف لإرتكاب الجريمة. ربما تكون مجنونة، فيتم إيداعها في مصحة عقلية، ثم مع كل مشهد نراها أكثر عقلانية، وغير متعاونة وشاردة العقل وليس مجنونة. لتجد عقلك مع كل صفحة يطرح مزيد من الأسئلة، عن الجريمة وعلاقة الذبابة بها.

القصة صغيرة الحجم جدًا، 60 صفحة متوسطة القطع، ويمكنك انهاؤها في جلسة واحدة، فهى مثيرة للاهتمام، وستشدك في البداية بمدخل أجواء الجريمة والغموض والأعمال البوليسية، لكنك تجد نفسك قد تحولت بسلاسة للخيال العلمي، في مزج سلس وبديع.

وقد تحولت القصة مرتين إلى أفلام سينمائية.. تم تصوير الفيلم الأول عام 1958 مع ديفيد هيدسون، وباتريسيا أوينز ، وفنسنت برايس، إخراج كيرت نيومان. وفي عام 1986 ، تم إعادة إنتاج الفيلم 1958 بنجوم جيف جولدبلم سيث براندل، وجينا ديفيس ، وجون غيتز، أخرجه دافيد كروننبرغ وشارك في كتابته أيضًا. كما عرضت كمسرحية أوبرالية تحمل نفس الاسم من قبل هوارد شور في مسرح Thôâtre du Châtelet، بباري ، في عام 2008.

في الواقع فأن حياة مؤلف القصة التي أنتجت بأكثر من شكل وترجمت بأكثر، في حد ذاتها تصلح كرواية يصنع منها مئات الأفلام. فقد ولد عام 1908 في باريس، وشارك في الحرب العالمية كميل خاص، وخضع لعملية تجميل لتغيير ملامحه ضمن خطة إنزاله مظليًا أثناء الحرب بغية لقاء قوات المقاومة الفرنسية.

ولكن تم القبض عليه من جانب قوات النازي، وحكم عليه بالأعدام ولكنه تمكن من الهرب، ليشارك في عملية إنزال نورماندي، والتي تعد أكبر عملية عزو بحري في التاريخ.. وعلى ما يبدو أن ما مر به من أحداث قد أثر على انتاجه الأدبي، حيث اعتمد على أسلوب الأثارة والدهشة وسر القارئ بشتى الطرق.

وبالرجوع إلى قصتنا، فهي جيدة جدًا، وارشحها للقراءة السريعة بين كتابين دسمين، أو لقضاء بعض الوقت مع الغموض الملفوف بالخيال العلمي.. فقراءة ممتعة مقدمًا...