> "كانوا يقولون إنّ الجحيم نار، وأنا وجدته شاشة."
---
الساعة تشير إلى الثالثة فجرًا، الضوء الأزرق الباهت من هاتف "ساجد" ينعكس على وجهه المُتعب، يُحدّق في البث المباشر كمن يحدّق في مرآة مكسورة. على الشاشة، فتاة ترقص في غرفة مُظلمة، تنعكس حولها تعليقات متسارعة: "🔥🔥"، "روحي عالدايركت"، "كم عمرك؟"، "لول".
بجانبه، والدته تُصلّي الفجر، تهمس بأذكار تُشبه الغفران. لكنه لا يسمع. في أذنه سماعة، وفي عينه شهوة مشوّهة، وفي قلبه خواء يملأه صدى الضحك الصناعي.
كانت التيك توك بالنسبة له "نجاة"، أو هكذا أقنع نفسه، كل فيديو يُرفَع، كل لايك، كل تعليق، يُمنحه إحساسًا مصطنعًا بالوجود… وجود مفلتر، لا يعرف من هو فيه.
لكن في الداخل، شيء ما كان ينهار.
في الليلة السابقة، جرّب أول بث مباشر له، أراد أن يتحدث، فقط يتكلم، يصرخ ربما. لكن البث امتلأ بوجوه تضحك، تعليقات ساخرة، أحدهم كتب: "اتكلم وانت سايب الحزن دا ليه؟ إحنا هنا عشان نهزر".
أغلق الهاتف. بكى. لأول مرة منذ زمن، شعر أنّه عارٍ تمامًا.
التعليقات