في الغالب عندما نسمع عن الديستوبيا أو أدب المدينة الفاسدة يأتي إلى عقلنا رواية يوتوبيا لأحمد خالد توفيق ورواية 1984 لجورج أورويل وبالتالي تتكون لدينا صورة شديدة القتامة عن المستقبل ولكن ماذا لو يمكن أن ننظر إلى هذا النوع من الأدب لنتعلم منه ونأخذ حذرنا من المستقبل القاتم، فمثلا في قصص أزيموف عن المستقبل وظهور الروبوتات وما يشبه الذكاء الاصطناعي فيمكن أن نتعلم أكثر عن المستقبل وبالتالي ندرس جديد التكنولوجيا لنستفيد منها بدلا من التخوف وأنها ستأخذ وظائفنا. وأيضا في يوتوبيا لو أخذنا ما قاله أحمد خالد توفيق وحاولنا إيجاد حلول لهذه المشكلات التي يطرحها لساعدتنا الرواية على رؤية مخاطر لم نكن نفكر فيها ولا في حلول لها، لذا فكيف يمكن أن تساعدنا روايات الديستوبيا على فهم أخطار المستقبل برأيك؟ وكيف نوظف هذه الرؤية لنحمي أنفسنا من المخاطر؟
روايات الديستوبيا: كيف يمكن أن تساعدنا على فهم أخطار المستقبل؟
روايات الديستوبيا بشكل عام تنتقد الواقع وتسلط الضوء على أهم القضايا والمشكلات والكوارث البيئية الموجودة في العالم بالفعل، أو التي من المحتمل أن تحدث في المستقبل، ومن هنا نستطيع أخذ حذرنا ووضع تلك القضايا في الاعتبار ونكون على استعداد لمواجهتها بكافة الطرق عند حدوثها.
منذ أول رواية ديستوبيا قرأتها، وأنا أعتبرها أدوات تحليل، وليست مجرد قصص خيالية. فأول ما استفدته منها هو التقاط المؤشرات التي تحدث قبل النزول للهاوية. أحيانا لا ندرك كأناس يعيشون واقعا معينا كيف يمكن أن ينقلب هذا الواقع لشيء آخر تماما لا نريده. كنت ممن يظن أن تغييرات كبيرة في الواقع تتطلب سنوات كثيرة. ولكن، من قراءتي فيما بعد، أدركت أن 20 سنة أكثر من كافية. وفي حالات، يتم القضاء على جيل كامل لبناء واقع جديد، وهذا قد حدث أكثر من مرة بالفعل تاريخيا. هي تتنبأ بالتحديات الناتجة عن قرارات معينة، وتحفز الجميع على التفكير الوقائي. ومن رأيي أن التفكير الوقائي على الرغم من أهميته، إلا أنه غير شائع بالمرة في أوطاننا. ربما لاعتبارهم إياه نوع من التشاؤم، ولكنه ليس كذلك على الإطلاق.
ومن رأيي أن التفكير الوقائي على الرغم من أهميته، إلا أنه غير شائع بالمرة في أوطاننا. ربما لاعتبارهم إياه نوع من التشاؤم، ولكنه ليس كذلك على الإطلاق.
أو يتم التعامل معه بصورة اكثر خرافية وهي التنبؤ بالمستقبل رغم أنه ليس تنبؤ بقدر ما هو استقراء واستنباط مما نعيشه ويمكن أن نتخيل ما الذي سيحدث بعد بضع سنين، ولكن ما هو ضروري بالفعل هو نشر ثقافة التحليل الجيد للواقع حتى لو من خلال قراءة الديستوبيا وبدلا من نظرتنا الخرافية إليها ننظر إليها بعين النقد والتحليل.
وهي التنبؤ بالمستقبل رغم أنه ليس تنبؤ بقدر ما هو استقراء واستنباط مما نعيشه
كلما ناقشت أحدا في شيء مشابه، كل ما أسمعه "هذا علم الغيب". لا أعلم كيف يكون غيبا، ومقدماته أمامك. كل ما في الأمر هو النظر في مجريات الأحداث الحالية لتستقرئ المستقبل القريب. أظن ما قد يساعد هو نشر طريقة التفكير النقدي، وعدم التسليم بأي شيء تسمعه لمجرد أن جهة فلانية قالت كذا.
هل تساعدنا روايات الديستوبيا على فهم المستقبل؟ أعتقد أنها تمنحنا نظرة كئيبة نحو المستقبل، رواية يوتوبيا من الروايات القليلة للعراب التي لم أستطع إكمالها شعرت بالكثير من المشاعر السلبية والكآبة، صحيح أنه عرض كثيرًا من الواقع الموجود حاليًا، إلا أننا أحيانًا لا يجب أن نتوقع الأسوأ ولو كانت له بوادر واضحة.
وكيف نوظف هذه الرؤية لنحمي أنفسنا من المخاطر؟
لا يسعنا سوى أن نبدأ بإصلاح أنفسنا وتربية أبناء صالحين غير مفسدين بالمجتمع، فنحن نواة كل نتاج صالح أو فاسد.
لم أستطع إكمالها شعرت بالكثير من المشاعر السلبية والكآبة، صحيح أنه عرض كثيرًا من الواقع الموجود حاليًا، إلا أننا أحيانًا لا يجب أن نتوقع الأسوأ ولو كانت له بوادر واضحة.
ولكن لماذا ننظر للأمر بهذه الطريقة التشاؤمية؟ فكل ما هنالك أنه يعرض لنا صورة معينة عن المستقبل ورغم أن يوتوبيا ليست أفضل ولا أوقى عمل لأحمد خالد توفيق مقارنة بممر الفئران ومثل إيكاروس وشآبيب إلا أنها الأكثر شهرة، ولكن الكاتب في العديد من هذه الأعمال يقدم لنا صورته أو تخيله عن المستقبل القريب فلو أمكننا تحليلها لساعدتنا بدلا من التشاؤم منها.
العديد من صفحات التواصل الاجتماعي اقتبست من رواية يوتوبيا ما يحاكي ما نعانيه حاليًا رغم أنها كُتبت منذ عدة سنوات، ولأصدقك القول شعرت بأنها تقرير عما يحدث حاليًا، صحيح أن لتلك الروايات نظرة معقولة حول الأخطار والمشكلات التي قد تحدث مستقبلًا استنادًا على معطيات موجودة حاليًا، إلا أنني ما زلت لا أميل إلى قراءتها لا أحب سماع المشكلات والنظرات السلبية للمجتمع بدلًا من التركيز على صلاح أنفسنا والقيام بواجباتنا كأفراد.
التعليقات