جذب انتباهي كتاب بعنوان: "السماح بالرحيل"، للكاتب الدكتور والطبيب ديفيد هاوكنز، كما جذبتني العبارة المكتوبة أسفل واجهة الكتاب: "الطريق نحو التسليم"، تساءلت ماذا يقصد بالسماح بالرحيل؟ رحيل ماذا بالضبط، وكيف يكون التسليم؟

يقول الكاتب إن أكبر ربح يقدمه لنا اللوم هو أننا ضحية بريئة، بينما الطرف الآخر هو شخص سيء، فهو يسمح لنا بأن نبقى قاصرين دون الشعور بالذنب، أما ثمن ذلك؛ فهو فقدان حريتنا، فضلاً عن أن دور الضحية يجلب معه تصوراً ذاتياً بالضعف والعجز واللامبالاة والاكتئاب.

ذكر الكاتب أن الخطوة الأولى للخروج من دائرة اللوم، هي أن نرى أننا نحن مَن نختار أن نلوم، إنها ليست مسألة صح أم خطأ، بل مسألة تولي زمام مسؤولية وعينا الخاص.

فهل تجدون أن الموقف يختلف بين أن نختار أن نلوم وبين أن نعتقد أنه علينا اللوم؟

هل تجدون أن لوم أنفسنا أو لوم الآخرين أمر ضروري؟ إذا كان نعم، لماذا؟

هل يجب أن يكون أحدنا على خطأ أو أن يكون سيئاً أو مذنباً؟

حسناً، لماذا لا ندرك أن الأحداث المؤسفة قد حصلت وانتهى الأمر، وأنه لا بد من تخطي اللوم بالانتباه لمشاعرنا، مشاعر الرضا والمتعة الخفية التي نحصل عليها من مشاعر الشفقة على الذات والاستياء والغضب والأعذار التي نخلقها كي نبدأ بالتخلي عن كل هذه الأرباح الصغيرة.

إنني أدرك جيداً أنكم تتساءلون: ما الهدف من ذلك؟ الحقيقة إنه انتقال من شعور أننا ضحية مشاعرنا إلى شعور أننا نحن مَن نختارها، أي أننا نحن المسؤولون، وإذا بدأنا بفك هذه المشاعر سنكون قد بدأنا بوعي بالتمرن على الاختيار، ومن هنا نخرج من مستنقع العجز إلى مهمة تحمل المسؤولية، ومن الطبيعي جداً أن نفكر بسلبية بسبب قصورنا البشري، وذلك بشكلٍ غير واعٍ يلائم نظرتنا المحدودة، ولكن هذا ليس كل شيء، فخارج الذات القاصر وأبعد منها توجد ذاتنا العظمى.

ربما لا نكون واعين بعظمتنا الداخلية، فما رأيكم، إن كانت لدينا القوة التي تجعل السلبية واللوم يتجليان في حياتنا، فهل لدى عقولنا بالمقابل القوة لتحقيق العكس؟

نلوم أنفسنا كثيراً ونجلد ذاتنا بسبب تقصير منا، ونلوم الآخرين بسبب خطأ منهم أو سوء تصرف، ولكن ما المقابل من اللوم، هل تغير شيء، أم هل حصلنا على ما نريد؟