" أنا لا أبدل أحزان قلبي بأفراح الناس، ولا أرضى أن تنقلب الدموع التي تستدرها الكآبة من جوارحي وتصير ضحكا. أتمنى أن تبقى حياتي دمعة وابتسامة: دمعة تطهر قلبي وتفهمني أسرار الحياة وغوامضها، وابتسامة تدنيني من أبناء بجدتي وتكون رمزي تمجيدي الآلهة. دمعة أشارك بها منسحقي القلب، وابتسامة تكون عنوان فرحي بوجودي"

هكذا استهل الأديب اللبناني الرمزي جبران خليل جبران كتابه دمعة وابتسامة، مثيرا بذلك إشكالية في غاية الأهمية ألا وهي: هل يمكن أن نتخيل حياتنا من دون تلك اللحطات التعيسة والبائسة؟

والواقع أننا غالبا ما نتمنى أن تختفي دواعي الحزن من حياتنا، من فراق وخسران وفقدان وغدر وخيانة وظلم وعدوان ونكران جميل، فتختفي بذلك حسرتنا وحرقتنا ولوعاتنا التي لا ولن تنتهي ما دمنا على قيد الحياة، وتندثر تلك النتوءات التي تكدر صفو العيش؛ بل وتنقلب فرحا وبشاشة وهناء.

ولكن تخيل معي أن يصبح كل شيء سهل المنال، وأن تختفي كل الروادع التي تواجهنا في مسعانا إلى ما نروم تحقيقه من أهداف ومتمنيات، ألن يفقدنا ذلك لذة الفرح بالنجاح والفلاح؟ ألن يساهم ذلك في اضمحلال معاني التميز والتألق؟ فيصبح المثل المشهور " حتى إن لم تجد فسوف تجد، وحتى أن لم تزرع ستحصد". فيجيب جبران خليل جبران:

"أريد أن أموت شوقا ولا أحيا مللا، أريد أن تكون في أعماق نفسي مجاعة للحب والجمال، لأني نظرت فرأيت المستكفين أشقى الناس وأقربهم من المادة، وأصغيت فسمعت تنهدات المشتاق المتمني أعذب من رنات المثاني والمثالث"

فما رأيك أنت؟ هل توافق جبران خليل جبران في كون الحياة ينبغي أن تزاوج بين الدمعة والابتسامة، بين الفرح والحزن، بين الأمل واليأس؟ أم أنك تفضلها متجردة من اللحظات الكئيبة؟ ولماذا؟