بسم الله الرحمن الرحيم

مقتطفات من كتاب (أرسطو (أرسطاطاليس))

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

كتاب (أرسطو (أرسطاطاليس)), إعداد: محمد الشربيني, (2016م), مكتبة المنصور.

1-       ( بينما الفضيلة تتطلب علاوة على ذلك وقبل كل شيء أن يحقق الفاعل في نفسه شرطين آخرين هما: استقامة النية أي اختيار الفعل لذاته, والمثابرة أي صدور الفعل عن ملكة ثابتة, ومن يتوهم أن المثابرة غير لازمة للحصول على الكمال مثله مثل المريض الذي يريد الشفاء ولا يستعمل وسائله ). الصفحة (141).

2-       ( هناك شيء قد أخذ به أرسطاطاليس, وهو في رأينا وفي رأي كثير من المحدثين من أحسن الأدلة على ما كان يمتاز به هذا العقل من قوة علمية ومن ميل إلى الواقع الموجود; ذلك هو رأيه في الرق.

كان أرسطاطاليس يرى أن الرق مشروع وأنه نافع للعبد والسيد معاً, فخُيل إلى كثير من الناس أن أرسطاطاليس كان من الدعاة إلى الرق والحاثين عليه, وكفى ذلك للقضاء على الفيلسوف بأنه خصم الحرية وعدوها, ولكن الرجل كما قلنا لم يكن يقيم نظرياته العلمية في الهواء ولا يستمدها من الخيال, وإنما كان يقيمها في الخارج ويستمدها من الحقائق الواقعة, وقد كان الرق في عصره أصلاً من أصول الاجتماع, فلم يكن بد من الاعتراف به, ولكن بد من تعليله; لأن شيئاً في هذا العالم لا يقع من غير أن تكون له علة, وقد أعترف به أرسطاطاليس وبأنه مشروع, ورأى أن علة هذا الشرع هو أن طائفة من الناس قد مُنحت من الكفاية المادية والمعنوية ما يجعلها أهلاً لأن تأمر, وطائفة أخرى قد حرمت هذه الكفاية فهي مضطرة إلى أن تطيع, وبأن حسن الوفاق بين هاتين الطائفتين وقيام كل واحدة منهما بما عليها من واجب شيء لابد منه لحياة الاجتماع ). الصفحة (185-186).

3-       ( شيء آخر يميز أرسطاطاليس من أفلاطون هو رأيه في السياسة, فإن حكومة أفلاطون كما تمثلها الجمهورية إنما هي حكومة حربية قبل كلِّ شيء, يرأسها الفلاسفة وتقوم على هدم الملك, بل على هدم الزواج وجعل الأشياء حقاً مشتركاً للناس جميعاً, وجعل النساء شركة بين الرجال والرجال شركة بين النساء, وعلى الجملة هدم المِلْكِ ومحو صلات القرابة ومحو شخصية الفرد.

ولئن كان أفلاطون قد أستأنس في إقامة نظريته بشيء من النظم اليونانية الموجودة, فهو قد أسرف في اتباع الخيال والانقياد له حتى أصبح كأنه قد خلق جمهوريته من لا شيء, وأصبحت جمهوريته غير قابلة للوجود إلا في عالم الخيال.

أما أرسطاطاليس فقد أراد أن يدرس الحكومة من حيث هي ظاهرة اجتماعية, وأن يدرس الظواهر الاجتماعية كما درس الظواهر الطبيعية; أي إنه أراد أن لا يعتمد في هذا الدرس إلا على الملاحظة, فأثبت المِلْك, ورأى أن شيوع الأشياء غير معقول التحقيق, إلا إذا استحالت النفس الإنسانية فأصبحت فضيلة خالصة, وأثبت الزواج; لأن عليه تقوم الأسرة وعلى الأسرة تقوم المدينة, وأنفق كل ما يملك من قوة في الجدال والمناقشة ليهدم مذهب أفلاطون, وليبين عيوب الحكومات التي اشتمل نظامها على شيء قليل أو كثير من الاشتراك. ثم استعرض صور الحكومات الموجودة فوازن بينها واختار منها صورة مختلطة, ليست بالملكية التي يستبد فيها الفرد, ولا بالديمقراطية التي تستبد فيها الجماعة, ولا بالأقلية التي يستبد فيها نفر من الأشراف, وإنما هي حكومة وسط تمثل جميع طبقات الشعب تمثيلاً صحيحاً معقولاً.

وقد فصل ذلك أرسطاطاليس تفصيلاً كافياً, ووضع له النظم والقواعد, فمن شاء فليرجع إليها في كتاب السياسة, كل هذه أشياء لا تزال قيمة يحتفظ بها الفلاسفة ويدرسونها, وهناك أشياء كثيرة لا تظهر فائدتها للفلاسفة, ولكنها أساسية لا يستطيع التاريخ أن يستغني عنها, بل لولاها لضاع قسم عظيم من أساسه وهو التاريخ النظامي لمدن اليونان.

هذا رأي نراه ولا نشك في صحته, وإن كان غيرنا يزعم أن أفلاطون قد كان يزدري النساء ويخضعهن للرجال, والحق فيما نعتقد أنه كان يسوي بين الجنسين, وأنه لم يكن يريد أن يكون النساء شيئاً مشتركاً, وإنما كان يريد أن يهدم الزواج حتى لا يكون للشخص ولا للأسرة وجود أمام وجود الجماعة السياسية, فالنساء شركة والرجال شركة ). الصفحة (187-188).

4-       ( احتفظ الاتينيون بالنظام الديموقراطي ما كانت الحرب سجالاً, فلما كان الفشل في صقلية ورجحت كفة أهل اسبارتا بمحالفتهم الملك الأعظم اضطر الأتينيون إلى هدم الديموقراطية وإقامة حكومة الأربعمائة, عرض ذلك بوثودوروس بن أبيزولوس وخطب قبل صدور القرار ميلودوس, ولكن الذي حمل الشعب على تغيير النظام هو اعتقاده أن الملك الأعظم سينحاز إلى أثينا إن أقيمت فيها حكومة الأقلية ). الصفحة (255).

5-       (جزر ثلاث صغار في بحر إيجا, انتصر فيها الأسطول الاتيني على اسطول سبارتا سنة ست وأربعمائة, وأهمل القواد انتشال الغرقى والقيام بالواجبات الدينية لمن مات, فقضى عليهم الشعب بالموت, وفقدت أثينا بذلك أحسن قوادها, وكان هذا الحكم الأحمق من أهم الأسباب التي أسقطت أتينا بعد ذلك بقليل ). الصفحة (167).

كتاب (أرسطو (أرسطاطاليس)), إعداد: محمد الشربيني, (2016م), مكتبة المنصور.