مضى اكثر من عقد على قرائتي لآخر كتاب في تطوير الذات، ولا زلت اذكر ردّة فعلي لقراءته، الضحك ولا شئ سوي الضحك.

كتب التطوير؛ سواءٌ كانت في مجال الانسان فرداً أم امام مجتمعه، لا تسمن ولا تغني من جوع (برأيي)، فهي تتجاهل القواعد والدراسات النفسية. تلك الدراسات التي يتبيّن فيها كل يوم كم هو معقّد وغامض ذلك الانسان.

الجينات، التغذيه، التنشئة، التربية، التأثّر والتأثير بالمجتمع .. جميعها لا معنى لها امام كتّاب التطوير الذاتي (إلّا من رحم ربي). "كيف تتحدث مع الناس"، "كيف تتسلّم زمام امورك بسهولة"، "كيف تتصالح مع المصائب - دون تضمين أي علم - وتخطط للمستقبل" وهلم جرا ..

النفس البشريه مخلوق معقّد ومتعدد المداخل والمخارج، حار فيه اهل العلم ولا زالوا .. ولكن ليس عند أهل التطوير، فالنفس عندهم بسيطة - لا فلسفياً - ولكن عملياً، فما اصاب من الحلول فيها مع الاول حتماً سيصيب مع الثاني فالثالث والرابع حتى يُعمّم الحل على مجتمع بأسره.

لطالما اعتقدت ولا زلت اعتقد ان السبب الرئيس في انجذاب الناس لمثل هذه الكتب هو الهروب من التعقيد - الحقيقة المُرّة - للانسان. فَلَوَهْمٌ يشرح الصدر ويعطي أملاً زائفاً خيرٌ من واقع مُر يشيح بالاقنعة عن حقيقتنا وحقيقة ان كل ما ارتبط بعالم النفس الانسانية ليس من السهل معرفته بلْه التحكم به واصلاحه.