منذ فترة قرأت رواية أعتقد أنّها مألوفة لكل من يقرأ الروايات بشكل معتاد، رواية "آلموت" وفي هذه الرواية وبغضّ النظر عن الحدث التاريخي الذي يُعد واحد من أهم أحداث التاريخ والحقبة الأكثر غرابة، إلى أنني وبعد نهاية الرواية لم أستطيع إلّا التفكير فعلاً وبشكل جدّي بقابلية البشر للتدجين، أي في أن يكونوا خرافاً تحت إمرة مُسيّر، مهما كانت طبيعة تلك الإمرة، سواء قائد نازي كـ هتلر أو ربما قائد إسلامي (يدّعي ذلك) كالذي قرأت لهُ هذه الرواية، حسن الصباح، مؤسس فرقة الحشاشين، الذي أسس فيها مدجنة بشرية انتحارية قادرة على تفتيت الأعداء وطحنهم بدافع من فكرة شحن جيشه بها استطاع عبرها أن يختزلُ كل ما في أسطورة الماضي وأحلام المستقبل. 

كل شخص درس العلاقة المبهمة بين العقل والجسد والعاطفة يستطيع أن يفعل أسوء مما فعله حسن الصباح، وليتم ذلك بدون أيّ مقاومة حقيقية على الأقل والأكثر فكرية يمكنها دحض ما يُقدّم، هذه الخدع الأخلاقية والإنسانية دائماً ما كانت تمرّ على البشر، ودائماً ما كانوا عبرها يرتكبون أفظع ما يمكن للإنسان أن يرتكبه. 

“لاشيء صحيح، وكلُّ شيءٍ مباح” هذه العبارةُ كانت جوهر حقيقةِ تلك الفرقة وحقيقة كل الفرق على اختلاف العصور، وكلُّ ما عداها من التَّفسيرات الَّتي تُقدَّم، هذه كانت خيوطَ ابن الصباح لتحريك أنفس أتباعه، من العامَّة، ومن شبابٍ أغرار، يؤمنون به حدَّ الموت، لا يؤمن فيه أو بغيره ببلاهة، إنّما بدلائل، هذه الدلائل والحاجات يتخذونها عبرة لغضّ البصر عن كل غريب، في حالة هتلر مثلاً كانت حاجة الأمة إلى التخلّص من ديونها وتحقيق سيادة ما في المنطقة، وفي حالة حسن الصباح كانت فردوس متخيّل، لقد بنى لهم جنة أرضية والكل صدّق، فهل الناس أغبياء إلى هذه الدرجة؟

لا أعتقد أنّ هناك تعارضاً برأيي بين أن يكونوا البشر عقلاء وبين أن يتم تدجينهم لخدمة مصالح عليا، تحدّث عن هذه الورطة سابقاً جورج أورويل في رواية 1984 واستعرضها فلاديمير بارتول في هذه الرواية أيضاً ومع كل تلك المدوّنات والتجارب السابقة، ما زلنا نقع كبشر بذات المصائد، كيف؟ برأيي لإننا وببساطة قابلين للتدجين والإقناع. 

هل تؤمن أنت أيضاً بذلك؟ بأنّ البشر فعلاً قابلين للتدجين والإقناع والتوجيه بسهولة؟ أم أنّك تملك قناعات مختلفة عن الأيدولوجيا وتأثيرها علينا؟