الغيرة في نظري جزء من الحب ومعنى من معانيه الكثيرة، لا حُب بلا غيرة ولا غيرة بلا حب، بل هي دليل على صدقه واستقراره في النفس، فإذا وجدت زوجة تغير على زوجها بعد عشرون عاماً من الزواج أو أكثر فأنا استنتج أنها في قرارة نفسها تحبه أو تحب امتلاكها له، ولعلك تتساءل الآن، هل حينها يكون ذلك الشعور دليلاً على حب الطرف الآخر حقاً أم أنه قد يدل بصورة أكبر على حب الذات والأنانية، بحيث يعامل الشريك شريكه على أنه احد أملاكه، ولا يحق لأحد أن يقترب منه، وليس بالضروره يكون محبا له هو.. لكن هل الغيرة دائماً تدل على حب المرء لشريك حياته؟

في روايته (مذلون مهانون) يصف فيودور ديستويفسكي الغيرة على لسان أحد الأبطال فيقول:

“إنني منذ لاقيته أول مرة، شعرت بحاجة لا تقاوم إلى أن يكون لي، إلى أن لا يرى أحداً غيري، إلى أن لا يعرف أحد غيري، غيري أنا. كنت دائما أتمنى بعنف و حرارة أن يكون سعيداً كل السعادة إلى الأبد، لقد كنت أحبه كله و كفى، كنت أحبُّ أن أغفر له، كنت أجد في العفو عنه سعادة كبيرة. كنت أتخيله دائما صبياً صغيراً."

وقفت متأملاً أمام تلك السطور، واختلاط الغيرة بالخوف والصدق في لوحة بديعة لا يعرفها سوى المحبين، ووضعت نفسي في كلا الطرفين، وسألت نفسي قائلاً، هل قد تضيق ذرعاً إن عاملك من يحبك وكأنك أحد ممتلكاته؟ في الحقيقة كان الجواب (لا)، لقد عشت ذلك الشعور بالفعل، لم أنزعج منه أبداً كوني دائماً لا أفسره على أنه اقتحام للخصوصية أو تحكم أو ما شابه، بل هو اهتمام وغيرة، ولكن ليس للجميع القدرة على تحمل آثار تلك الغيرة ولا الجميع لديه القدرة على فهمها وقراءتها بشكل صحيح من خلال الأفعال، خاصة إن كانت صادقة مليئة بالعنفوان وصخب المشاعر، والتي قد تبدو احياناً في صورة شجار بلا سبب، أو تحكم، أو انتهاك للخصوصية.

دعني أسألك عزيزي القارئ :

ما رأيك أنت في شعور الغيرة، وهل الغيرة مضرة أحياناً، وتكبل الطرف الآخر؟ وماذا إن اكتشفت أن أحدهم يراقب تفاصيلك ويغار عليك؟