منذ عدت سنوات وقعت جريمة في احدى الدول الأجنبية، حيث صدم شاب أم وطفلها الرضيع ليفارقان الحياة، ورغم بشاعة الجريمة تعاطف معه النساء حول العالم، لا لشيء سوى وسامته. 

ذكرتني هذه الأحداث برواية قرأتها منذ سنوات ألا وهي (دوريان جراي) للكاتب (وايلد أوسكار) في هذه الرواية يقوم أحد الرسامين برسم صورة لدوريان ذو الملامح الوسيمة والبريئة، ليفتن بها دوريان ويتمنى أمنية غريبة (لو أمكنني أن أظل شاباً وتكبر الصورة في عمرها! من أجل هذا -من أجل هذا- سأقدم كل شيء، سأقدم كل شيء، سأقدم روحي مقابل ذلك!). استجيبت أمنية دوريان، فصار شابًا وسيم الملامح رغم كل الكذب والخداع والغش والفجور الذي أقدم عليه، في حين وأنه مع كل خطأ كان يرتكبه كانت الصورة تتحول إلى منظر بشع. رغم كل بشاعة دوريان وسوءه، رغم كل خطاياه ظل وسيمًا، وظل الجميع يحيطون به، لأنه وسيم بريء الملامح.

الأمر باختصار هو أنه يكفيك أن تكون وسيمًا، جذاب الملامح، حتى تحوز على التعاطف والحب، حتى تحوز كل شيء. 

في الطب النفسي هناك متلازمة تسمى (متلازمة ستوكهولم) وهي ظاهرة باختصار شديد تكمن في (تعاطف الضحايا مع من اعتدى عليهم وآذاهم من المجرمين والسفاحين والقتلة لا لشيء سوى ملامحهم الوسيمة الجذابة، وربما قضاء وقت ما بصحبتهم). الأمر المثير للجدل أنه اكتشف أن هذه المتلازمة أصابت العديد من الناس بمجرد رؤية صورة السفاح، وبرغم الجمل التي تزيل صورته بأنه سفاح، قاتل ... الخ لا ينفك التعاطف معه. 

هل تذكرون الطفل جورج ستني، الطفل الأميركي الأسود الذي اُعدم بالكرسي الكهربائي جراء جريمة لم يرتكبها، لم يتعاطف معه أحد، لم ينصفه أحد رغم أنه طفل، لماذا؟ لأنه أسود اللون ذو ملامح ليست بالوسيمة. حكم الإعدام صدر بعد أقل من 3 ساعات من ارتكاب الجريمة، ونفذ خلال أقل من 3 شهور

الحكم على المظهر لا الجوهر هو ديدن الحياة والمجتمع، فالكل يتعاطف مع ذاك لأنه وسيم لبق رغم أنه قد يكون ارتكب أبشع الجرائم، أو مغتصب لحقوق الكثيرين بلا وجه حق. وذاك لا يحظى بنصف معاملته تلك لماذا لأن ملامحه عادية. حتى الأطفال لم يسلموا من ذلك، فيحظى الوسيم منهم بكل ما يتمنى على عكس الآخر الذي لا يحظى بشيء سوى التجاهل والفتور وربما التنمر. 

كيف نقضي على هذه الطريقة؟ كيف نقنع الكل أن الجوهر أهم من المظهر؟ حقيقة لا أملك إجابة ....  فهل تملك عزيزي القارئ إجابة على هذا؟