من فترة قرأت مقالة كتبتها الدكتورة تشاك روبي، حول مدى التأثير السلبي للأدوية على المرضى النفسيين، وعن مساهمتها في إقدامهم على الانتحار، مصلحة أن يوجد 34 دواء يؤدي إلى تفاقم النتائج العاطفية والمعرفية والسلوكية على سبيل القلق، الإثارة، الاكتئاب، الأرق وهذا ما طرحه الكاتب كولن ولسون في كتابه "طفيليات العقل" والذي قدم لنا الفكرة في سياق تجربته الحية في مستشفى المرضى النفسانيين، معقبًا "ما هو الشيء الذي يدمر قدرة البشر على التجديد الذاتي؟

أجاب الكاتب بأن في اعتقاده يوجد سبب وحيد يدمر قدرة البشر على التجديد والذي خيم على عقله منذ سنوات رابطا المسألة بالجرائم الصناعية للأدوية ووضح ذلك أن الإنسان عليه التعلم كيف يسترخي بدون الحاجة إلى تعاطي أدوية التشخيص النفسي، وان يتفقه في التعامل مع أعماقه لكي ينشط عقله متفاديا أي عقار قد يهلك أو يغيّر برمجة عقله وينقص من تركيزه.

لكن خلافا لرأي الكاتب، فإن بعض الأمراض النفسية لابد أن تحتاج إلى أدوية تساعد الإنسان على تصحيح السلوك الفكري أو الخروج من الحالات التي يعاني منها كالاكتئاب وأمراض الانفصام الشخصي وغيرها، صحيح أن حقيقة الضرر السلبي الذي قد ينتج منها قد يكون حجمه كبير لكن هذا لا ينفي الأثر الإيجابي لها.

الكاتب طرح حجة قد تكون جد عميقة شرح من خلالها أن قدرة الإنسان قد تكون هائلة من خلال التحلي بالتوازن النفسي والإدراك، مستشهدا بأن أجداد الإنسان المعاصر كانوا شبه مصابين بعمى الألوان لأنهم اعتادوا على إهمال الألوان بسبب حياتهم التي كانت بالصعوبة والخطورة التي لم تمكنهم من ملاحظتها، إلا أن الإنسان المعاصر نجح في التخلص من العادة القديمة دون يفقد حوافزه وحيويته. لكن هل كل المسائل المتعلقة بالإنسان قد تُحل بالتوازن !؟

ما هو الشيء الذي يدمر قدرة الإنسان على التجديد، عدم تواصله مع أعماقه أم أدوية التشخيص النفسي؟