في طريق بداياتي للقراءة منذ ما يا قارب العشر سنوات تقريبًا كانت أعمال الكاتبات (دعاء عبد الرحمن - منى سلامة - صابرين الديب - حبيبة بدر) أول ما رددت شفاهي، وخاصة أعمال أول كاتبتين.
رغم بساطة اللغة وركاكتها في حينها - فهذه كانت بداياتهم في طريق الكتابة - والحبكات التي قد تكون شبه خيالية، مع جرعة رومانسية - محترمة بالطبع - لطيفة وزائدة عن الحد الطبيعي الواقعي فقد كنت أعشق هذه الروايات، واقرأها بنهم شديد. وهكذا كان حال كل من عرفتهم من قارئات تحديدًا وقراء في هذه الفترة الزمنية. ورغم مرور كل هذا الوقت ما زلت اشتاق لقراءة بعض هذه الروايات من حين لآخر عندما أمل من القراءات العميقة، الفصيحة لغويًا، والثرية فكريًا.
(قطة في عرين الأسد) هي أحب تلك الروايات لقلبي، وأكثرهن جذبًا لي لقراءتها مرارًا وتكرارًا لنفس المشاعر، والعواطف الجياشة التي تملأني مع كل سطر. وهذا جعلني اتساءل لماذا هذه الرواية تحديدًا التي أعود إليها على الدوام؟ بل قد تفاجئت أن أغلب من أعرفهن والذين هم أكثر مني عمقًا وفكرًا فيما يخص القراءة يعدن لنفس الرواية من حين لآخر؟ ما هو السر الذي في هذه الرواية الذي يجعل الكل متلهفًا عليها لهذه الدرجة؟
إن القارئ لهذه الرواية سيكون مدركًا أن لغة الرواية عامية بحتة، لا كلمة فصحى واحدة تقريبًا على مدار صفحاتها، وهذا طبيعي فهي إضافة لكونها من أوائل كتابات (د. منى سلامة) فهي كانت تنشر على المنتديات المشتهرة حينها بين الأوساط النسائية على الأكثر كـ (فتكات) وما يشابهه من منتديات أخرى. وهذا يجعلها شبيهة بمشاهدة فيلم لطيف خفيف، أو الاستماع لقصة كقصص الجدات عن الخادمات اللاتي تزوجن من الأمير الوسيم في نهاية القصة. وربما يكون هذا أول سبب لجعلها جذابة وممتعة لهذا الحد، بساطتها وقربها إلى القلب.
الرواية بها كم لا يوصف من الرومانسية المحببة لقلوب الفتايات، فالبطل ظاهره قسوة القلب، والجود، وتقلب المزاج الحاد، إضافة إلى الاستقامة المفرطة، وعدم التأثر بأي امرأة والسلام، في حين أنه طيب القلب باطنًا، يشتاق إلى أن يجد أميرته الجميلة يومًا ما، على أن تكون متقبلة له ولإعاقته بلا شفقة أو شعور بالإحراج بسببه.
والبطلة هي تلك الفتاة الضعيفة المكسورة الجناح، المتظاهرة بالقوة والصلابة والثبات، والقادرة على صد أي رجل في الكون وفاءً لحبيبها السابق الذي وافته المنية.
هذه هي الوصفة المثالية التي تشتاق إليها الفتايات، حتى أنضجهن تحب هذه التفاصيل الغريبة العجيبة وإن أنكرت - من وجهة نظري - وهذا سبب آخر يجعل الإقبال عليها لا يقاوم.
من جهة أخرى فإن قصة الرواية غير تقليدية، بل مبتكرة نوعًا ما، وإن حملت بين طياتها التفاصيل البيديهية في قصص الأمير الوسيم والفتاة الفقيرة.
الرواية بها العديد من الأمور غير المنطقية أو الواقعية، كقدرة البطلين اكتشاف هوية القاتل وفشل أجهزة الشرطة على مدار أعوام طويلة في التوصل لما توصلاه إليه بكل بساطة.
سها وما حدث مع سها في النهاية هو أمر غامض أيضًا ولم يُفهم بصورة واضحة حقيقة ما وقع معها صراحة وكيف تمكنت من الزواج بكل هذه البساطة دون افتضاح لأمرها. كانت هذه احدى ثغرات الرواية من رأيي أيضًا.
وبعيدًا عن هذا وذاك تظل هذه الرواية الأقرب لقلوب العديد من القراء، ربما لبساطتها، ربما لما تحمله من خيالات محببة، ربما لأن البطل ليس كاملًا بلا عيب كقصص الرومانسيات، ربما لأن الرواية لم تجعل قصة حب البطلين ليست الأولى في حياة كل منهما، وهذا أمر غير معتاد في أغلب الأوقات. ربما وربما والكثير من ربما.
في النهاية الرواية لطيفة وإن كان بها الكثير من الزلل، وقد كانت ناجحة لدرجة أن ضمنت لصاحبتها جمهورًا مميزًا من القراء والقارئات حين صار قلمها قويًا مفعمًا بالفصاحة والثراء اللغوي. فصارت القصة أنها عندما ارتقت في سلم اللغة والفصاحة، سحبت معها القراء للأعلى، وحولتهم من مجرد قراء منتديات لعشاق للكتب، وللقراءة في العموم.
والآن يا صديقي هل قرأت هذه الرواية من قبل؟ وإن لم تكن قد فعلت هل تظن أنك ستسعى لقراءتها بعد كلماتي تلك عنها؟
التعليقات