دائماً في نظرتنا للعلاقات، نقسمها لعلاقات ناجحة وفاشلة، أو إيجابية وسامة أو كما هو مشاع في أوساط الشباب خاصة على السوشيال ميديا "توكسيك"، ومن ضمن الصفات اللصيقة بالعلاقات السامة هي "حب التملُّك"، حيث يكون أحد أطراف العلاقة متعلِّقا بالطرف الآخر لدرجة أنه اقتنع تمام الاقتناع بأن هذا الشخص ملك له ولا بد أن تتمحور حياة الطرف الآخر حول حياته، ويكون هذا النطاق الضيق هو نطاق حرية الطرف الآخر، وفي هذا تضييق شديد بلا شك، وشعور قد يصيب العلاقة بالكثير من التصادمات وقد يؤدي إلى انتهائها إلى الأبد، حيث لن يقبل شخص أن يكون عليه سلطة من شخص آخر تحوله من شريك في العلاقة لأداة يملكها ويؤطِّر حريتها. وإن قبل فإن الحياة ستكون مليئة بالصدامات والشكوك والكثير من الإنتقاد.

لعل الشئ الذي يوصل الشخص لتلك المرحلة من التملُّك هو الحب الشديد والتعلق، فقد يقود هذا الشعور الإنسان لأن يراقب أدق تفاصيل شريكه ويقيد حريته.

وهناك سبب آخر وهو إخراج الضغوط التي يمر بها الإنسان، فهنا يكون التملك شبيهاً بالعبودية.

ومما لا شك فيه أن من يحبون التملك أو بالأحرى مصابون به، جزء قليلٌ منا..أليس هذا ما تظن يا قارئي العزيز؟..

ماذا لو أخبرتك أن معظمنا على تلك الشاكلة، وأنت نفسك بطريقة ما تحب السيطرة على الآخرين وإخراج ضغوطك عليهم وتملُّكهم..إن لم يكن هذا هو حالك اليوم فغداً وبنسبة كبيرة جداً ستتحول لشخص يحب التملك والسيطرة على الآخرين. وليس هذا بكلامي.

يقول الفيلسوف العبثي البير كامو في كتابه "السقطة" :

"أنني أدرك أن المرء لا يستطيع الاستمرار في العيش مع الأخرين بدون أن يتحكم فيهم، أو بدون أن يخدموه، فكل إنسان يحتاج إلى العبيد، كما يحتاج الى الهواء النقي، وحتى اشد الناس بؤساً يستطيعون أن يتنفسوا، وأوطأ رجل في السلم الاجتماعي يملك زوجه أو ولداً، وإذا لم يكن متزوجاً فإنه يملك كلباً، الأمر المهم بعد كل ذلك هو أن يكون المرء قادراً على الغضب على شخص ما لا يملك حق الرد"

ورغم عبثية ألبير كاموا واندفاعه في آرائه تارة وخروجه عن المألوف تارة أخرى، إلا أنني حين دققت في نظرته وجدت أن كلامه بنسبة كبيرة دقيق، ففي أغلب البيوت الزوج يخرج ضغوط عمله بالبيت على زوجته مثلاً فتخرج زوجته ضغوطها على أولاده فيخرج أولاده ضغوطهم في مدرستهم أو على من هم أقل منهم سناً وهكذا.

فنجد من لا يملك طريقة يدفع بها الضغوط عنه، يفرغها في الآخرين خاصة في أولئك الذين لا يستطيعون الرد..

ولعل تلك النقطة يطول شرحها، فهي توضح الجانب المظلم من الإنسان، ذاك الأناني والمستغل والانتهازي.

ولكني أختلف مع كاموا في تعميمه لحال البشر بتلك الصفات وكأنها شئ نابع من فطرتنا وليس بسبب العقد التي قد تصيب البعض بعطب في الأخلاق والقيم فيفعلون مثل ما قال كاموا في كتابه بل ويزيدون.

وسؤالي لك هنا عزيزي القارئ : كيف ترى وجهة نظر كاموا ؟ وهل حقاً لا يستطيع الإنسان العيش دون أشخاصٍ يتحكم فيهم ويخرج ضغوطه عليهم؟