يُعد هذا الكتاب، الذي قام بتأليفه الباحث المغربي سلمان بونعمان، بمثابة دراسة تركيبية عن تجربة النهضة اليابانية، التي وإنْ كانت لها إرهاصاتها منذ القرن السادس عشر، فإنها ابتدأت عمليًا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، مع تَوَلي الإمبراطور الفتى موتسوهيتو للحكم في العام 1867 (= لُقب هذا الإمبراطور ب "الميجي"، بما مفاده المصلح المستنير، أو صاحب السلطة العادل). والغرض الأساسي من تأليف هذا الكتاب، هو اقتراح التجربة اليابانية كمرجعية يُحتذى بها لأي مشروع نهضوي عربي، لما لها من مواطن نجاح وقوة، مع الإقرار، أيضا، بأن لها إخفاقاتها الخاصة. وبناء على ذلك، سنحاول، في البداية، الإحاطة بأهم مقومات نجاح تلك التجربة، قبل التوصل إلى الدروس المستخلَصَة - ذات الفائدة - بالنسبة لأي أفق نهضوي عربي محتمل.
مقومات النهضة اليابانية
استندت تجربة النهوض الياباني إلى مداخل متعددة، لعل من أبرزها الإصلاحات العميقة التي طالت بنية النظام الاجتماعي والطبقي السائد، بحيث تم الانتقال من نظام اجتماعي قائم على تراتبية طبقية صارمة، تقع في القلب منه فئة الإقطاعيين، إلى نظام يتحقق فيه الحد الأدنى من المساواة الاجتماعية، بما يعنيه ذلك من إسناد المناصب والمسؤوليات على أساس الاستحقاق والكفاءة الشخصية، وليس بمقتضى الانتماءات العائلية أو الفئوية الضيقة. كما عرفت اليابان - إبان فترة الإصلاحات - التحول من نمط إنتاج فيودالي إلى آخَر رأسمالي عصري، بفعل استيراد التقنيات الغربية، والشروع في إصلاحات زراعية جذرية.
غير أن الركيزة الأساسية للتجربة النهضوية اليابانية، تمثلت في الانكباب على الاستثمار في الرأسمال البشري، من طريق بناء مجتمع العلم والمعرفة، استنادا إلى نظام تربوي وتعليمي فعال. ويكفي استحضار عبارة شهيرة تَلَفظ بها إمبراطور اليابان، عندما سُئل عن السر الكامن وراء نهضة اليابان، لتظهير الأهمية التي اكتسبها التعليم وتأهيل الرأسمال البشري في تلك النقلة الحضارية، وهنا نقتبس منه: "بدأنا من حيث ما انتهى منه الآخرون، وتعلمنا من أخطائهم، وأعطينا المعلم حصانة الدبلوماسي، وراتب الوزير".
لمواصلة قراءة المقال، المرجو التواصل مع الكاتب على البريد الإلكتروني أسفله للحصول على الرابط كاملا والتفاعل معه:
Salaheddineyassine99@gmail.com
أو كتابة بريدك الإلكتروني في التعليقات لأقوم بمراسلتك وتزويدك بالرابط