لعل الكثير من الدراسات تفيد بأن مخ الإنسان مثل مخ التمساح أو قرد التارسير في جانب بقاء الأفراد وتكاثرهم، إلا أننا نرى أن الإدراك والمعرفة التي يعمل بها مخ الإنسان مغايرة ومخالفة لمعرفة وإدراك الحيوانات.

وهذا ما جعلني اطلع على كتاب "عقل جديد عالم جديد"، وما لفت انتباهي من الكتاب فكرة " كيف للإنسان أن يكون مدرك للأشياء أكثر من الحيوان بالرغم من أنه متساوي في في تشكيلة المخ؟ هذا مايجعلنا نضرب إفتراضات، هل كون الإنسان ناطق هو من جعله يتطور أكثر أم أن الإدراك المتطور للإنسان عبر العصور هو السبب في ذلك؟ 

يبرهن الكاتب لنا، أن الذهن البشري قد تطور بفعل الخلفية السابقة له عبر التغيرات والمحفزات الزمنية التي مرَّ بها عبر العصور التاريخية، فالإنسان الحجري مثلا لايحمل نفس الإدراك الذي يتميز به إنسان اليوم. لكن هذا يُبرر أن إذا كان العالم هو من قد شكل حواسنا الإدراكية بنفس الطريقة شكل بها حواس الحيوانات الأخرى و هذا ما جرَّ الكاتب إلى التساؤل عن الاختلاف بين الحيوان والإنسان وما الذي جعل الإنسان يتطور ويفكر، وطرح فرضية أن تطور لغة الكلام هو الذي حرك البشرية، ونفى أن الخصائص الفريدة في الجهاز العصبي الأسلاف ليست هي من جعلت الإنسان افضل من الحيوان في الإدراك، لأن الحيوان كذلك يمتلك منبهات ضد أي خطر قد ينتابه من حيطه. فاللغة والنطق قد أعطت مجالا أكبر للتطور البشري والحضاري للإنسان. 

الكاتب أشار إلى أن مخ الانسان الكبير على الحيوان حجماً هو ماجعله متطوراً أكثر. ويبدو أنه استدل بمثال، ان علماء القرن التاسع عشر أثبتوا أن حجم مخ كبار الروائيين أكبر من مثيله عند الفلاحين الأميين. فأكيد نستنتج هنا أنه ربما حجم المخ قد يكون عامل في تطور الإنسان وانتاجيته ومن ناحية أخرى قد يكون لغة التكلم كانت حافزا في إيصال الأفكار والتعلم وإنتقال الخبرات بين البشر.

لذلك نتساءل: هل اللغة هي من جعلت الانسان يتطور عبر العصور على الحيوان أم عامل حجم المخ هو السبب في ذلك بالرغم من الإدراك المتساوي بينهم ؟